المخير فيها متعلق خمسة أحكام الوجوب ولا يثاب ثواب الواجب إذا فعل الجميع إلا على القدر المشترك، ولا يعاقب عقاب تارك الواجب إذا ترك الجميع إلا على القدر المشترك ولا تبرأ ذمته إذا فعل إلا بالقدر المشترك ولا ينوي أداء الواجب إلا بالقدر المشترك.
قوله: «على استواء» أي: يوجب من تلك الأشياء واحدًا لا بعينه فالأشياء المخير فيها مستوية في ذلك الواحد لا بعينه لأنه قدر مشترك بينها خلافًا للمعتزلة في إنكارهم إيجاد واحد لا بعينه.
تنبيه: اعترض بعضهم الأمر بواحد من أشياء يوجب واحدًا لا بعينه بأن الأمر بواحد معناه إيجابه فيتحد الموضوع والمحمول. وأجيب بأن الموضوع مقيد بالواحد المبهم في الظاهر من أشياء والمحمول مقيد بواحد منها لا بعينه في الواقع وهما متغايران فكأنه قيل الأمر بواحد مبهم في الظاهر أمر بواحد لا بعينه في الواقع ويصح حمل الأمر على النفسي ولا يتعين حمله على اللفظي قاله في «الآيات البينات».
فائدة: للتخيير والترتيب ألفاظ تدل عليهما في اللغة فإن الله تعالى إذا قال افعلوا كذا وكذا أو افعلوا إما كذا وإما كذا فهو للتخير وإذا قال فإن لم يجد كذا فليفعل كذا ونحوه فالأكثر فيه الترتيب وقد يأتي للحصر نحو «فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان» وإن لم يكن هذا العدد زوجًا فهو فرد ومعناه أن الحجة الشرعية الكاملة من الشهادة في الأموال منحصرة في الرجلين والرجل والمرأتين قال في «شرح التنقيح»: وأما الشاهد واليمين والنكول وغير ذلك فليس حجة تامة من الشهادة بل من الشهادة وغيرها وهو اليمين وكلها لا شهادة فيها كاليمين والنكول فتصير الآية دليلاً على عدم قبول أربع نسوة في الأموال كما نقل عن الشافعي. اهـ باختصار.
إذا تقرر ذلك علمت أن الشارع إذا قال اعتق عبدا أو أخرج شاة في الزكاة مثلا لا يكون واجبا مخيرا لعدم الصيغة وإن كان الكلام لم يوجب خصوص عبد ولا شاة بل مفهوم كل منهما من غير تعيين.