والمراد بكيفية العمل وجوبه أو ندبه أو ضدهما أو إباحته وهي المسماة عن المناطقة بالمادة وهي الدوام والضرورة وما يقابل الأمرين في نقضهما، فخرج العلم بالأحكام الشرعية الاعتقادية أي المتعلقة بحصول العلم في القلب كالعلم بأن الله تعالى واحد، وأنه يرى في الآخرة فعلمك بوجوب اعتقاد أن الله واحد فقه، وعلمك أن الله واحد ليس به، بل هو من علم الكلام، فالمتكلم يثبت الوحدة، والفقيه يثبت وجوبها. فالحق أن الاعتقاد وسائر الإدراكات انفعال لا فعل للنفس وإذا لم يكن فعلا فلا يكون عملًا إلا على سبيل التسامح قاله في الآيات البينات.
واعترض بعضهم على التقييد بالعمل بأنه يخرج ما ليس بعمل كالطهارة الحاصلة باستحالة الخمر خلا والبيضة فرخا. وكالرق المانع من الإرث ولزوم التصرف وكالسفه المانع من لزوم التصرف مع أن الظاهر أن العلم بها من الفقه لأنه يبحث عنها فيه. وجوابه عندي: أن الطهارة تستلزم حلية تناول الشيء وهو عمل، والرق يمنع أخذ الإرث وهو عمل وانح ذلك النحو.
ويقيد المكتسب خرج علمه تعالى لتعاليه عن الاكتساب والضرورة، وعلم كل نبي وملك بما ذكر، إذ هو ضروري حاصل مع العلم بالأدلة لا مكتسب عنها. فإن قيل: هل يدخل في التعريف علم النبي صلى الله عليه وسلم الحاصل عن اجتهاد بناء على الأصح من جواز الاجتهاد له صلى الله عليه وسلم فيسمى فقها أو لا يسمى فيكون التعريف غير مانع؟ فالجواب كما لابن أبي شريف: إن ذلك العلم دليل شرعي للحكم فبهذا الاعتبار لا يعد فقهًا بل هو من أدلة الفقه وباعتبار حصوله من دليل شرعي يصح أن يسمى فقهًا إلا أن يقال أنه بواسطة تقرير الله تعالى له عليه يكون ضروريًا فيكون بمنزلة الثابت بالوحي، وذكر الأدلة للبيان لا للاحتراز، إذ لا اكتساب إلا من الدليل. وبقيد التفصيلية خرج علم المقلد فإنه مكتسب من دليل إجمالي لأنه فتوى مجتهد وفتواه حكم الله في حقه. وقال المحلي يخرج به العلم بذلك المكتسب للخلافي من المقتضى، والنافي المثبت بهما ما يأخذه من الفقيه ليحفظه عن إبطال