قال في الثانية لمن شاء) أي ركعتين كما في أبي داوود وقيل: لا لما بين طلب الفعل والتخيير فيه من التنافي.
وآمر بلفظه تعم هل ... دخل قصدا أو عن القصد اعتزل
يعني أن الآمر بكسر الميم بلفظ يتناوله وغيره اختلفوا فيه هل يدخل في قصده لتناول الصيغة له وصحح ونسب للأكثرين أو لا يدخل في قصده لبعدان يريد الآمر نفسه وصحح ونسب للأكثرين أيضا كقول السيد لعبده أكرم من أحسن إليك وقد أحسن هو إليه وقد تقوم قرينة على عدم الدخول كقوله لعبده تصدق على من دخل داري وقد دخلها هو للقرينة فيه كما قال زكرياء إن التصدق تمليك وهو لا يتصور في المالك لما يتصدق به إذا المالك لا يملك نفسه وفعل عبده كفعله.
أنب إذا ما سر حكم قد جرى ... بها كسد خلة للفقراء
يعني أنه يجوز للمأمور أن ينيب غيره فيما كلف به على الأصح إذا حصل بالنيابة سر الحكم أي مصلحته التي شرع لها سواء كان ماليا كسد خلة الفقراء في المال المخرج في الزكاة أو بدنيا كالحج إلا لمانع من الحكمة كما في الصلاة. وخالفت المعتزلة فقال لا يدخل البدني لأن الأمر به إنما هو لقهر النفس وكسرها بفعله والنيابة تنافي ذلك إلا لضرورة كما في الحج فنحن نشترط للجواز عدم المانع وهم يشترطون له الضرورة فإذا انتفى المانع جازت بدون ضرورة عندنا دون المعتزلة ورد على المعتزلة بأنها تنافيه لما فيها من بذل المؤنة أو تحمل المنة والمانع في الصلاة هو أن المقصود بها من الخضوع والإنابة لله لا يحصل بالنيابة قاله حلولوا قال في الآيات البينات: إن المحلى لم يبين المانع في الصلاة ولا يصح أن يكون منافاة النيابة للمقصود من كسر النفس لأن هذا هو حجة المعتزلة في البدني مطلقًا وقد صرح بردها نعم يمكن أن يجعل المانع كون المقصود الكسر والقهر على أكمل الوجوه كما دل عليه تصرف الشرع وذلك لا يحصل مع النيابة وإن حصل فيها مطلق الكسر. ومما لا يقبل النيابة اتفاقا النية ولا يرد على ذلك نية الوالي عن الصبي فإنها على خلاف الأصل قولنا يجوز للمأمور نعني به الجواز العقلي وعلى أنه جائز عقلا فهو واقع شرعا والمعتزلة تمنعه عقلا فضلا عن الوقوع.