الأصل لغة: ما يبنى الشيء عليه حسًا كالجدار للسقف، ومعنى كالحقيقة للمجاز والدليل للمدلول.
ولما كان تصور المطلوب في النفس أو الشعور به شرطًا في تصور المطلب عقلًا جرت عادة المحققين في التصنيف بالبداءة بتعريف الحقيقة. فالشارع في فن لابد أن يتصوره أولا بوجه ما وإلا امتنع الشروع فيه.
وأصول الفقه مركب إضافي، يطلق تارة على جزأي الإضافة، وتارة لقبًا لهذا العلم وعلمًا له. واختلف في المركب الإضافي هل يتوقف حده اللقبي على معرفة جزأيه أو لا؟ إذ التسمية به سلبت كلا من جزأيه عن معناه الإفرادي وصيرت الجميع اسمًا لمعنى آخر، وعلى الأول فلابد من معرفة جزأيه ولذلك قال: (أصوله دلائل الإجمال).
يعني: أن أصول الفقه أدلته الإجمالية، لأن الأصل في الاصطلاح هو: الدليل، أو الأمر الراجح كما يأتي. والدليل الإجمالي هو، الذي لا يعين مسألة جزأيه كقاعدة مطلق الأمر والنهي، وفعله صلى الله عليه وسلم والإجماع والقياس والاستصحاب والعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين والظاهر والمؤول والناسخ والمنسوخ وخبر الآحاد، فالتحقيق أن الأدلة نفسها ليست أصولًا، لأنها موضوع الفن وموضوع الشيء غيره ضرورة، وكذا معرفة الدلائل ليست هي الأصول على التحقيق. فمراد من قال: أن أصول الفقه معرفة دلائل الفقه الإجمالية، التصديق بتلك القواعد، أي العلم بثبوت المحمول للموضوع ومراد الأكثر القائلين أنها الأدلة: القواعد الباحثة عن أحوال الأدلة.