فقال: إني أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم وفسدت ألسنتها، أفتأذن لي أن أضع للعرب ما يعرفون به كلامهم؟ فقال له زياد: لا تفعل، قال: فجاء رجل إلى زياد فقال: أصلح الله الأمير، توفي أبانا وترك بنونا، فقال له زياد: توفي أبانا وترك بنونا، ادع لي أبا الأسود، فلما جاءه قال له: ضع للناس ما كنت نهيتك عنه، ففعل.

ويروى عنه أيضا أن أبا الأسود قالت له ابنته: ما أحسنُ السماء؟ فقال لها: نجومها، فقالت: إني لم أرد هذا وإنما تعجبت من حسنها، فقال لها: إذن فقولي ما أحسنَ السماء، فحينئذ وضع النحو، وأول ما رسم منه باب التعجب.

وزعم قوم أن أول من وضع النحو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وزعم آخرون أن أول من وضع النحو نصر بن عاصم، فأما من زعم أن أول من وضع النحو عبد الرحمن بن هرمز أو نصر بن عاصم فليس بصحيح، والصحيح أن أول من وضع النحو علي بن أبي طالب -رضى الله عنه- لأن الروايات كلها تسند إلى أبي الأسود، وأبو الأسود يسند إلى علي، فإنه روي عن أبي الأسود أنه سئل فقيل له: من أين لك هذا النحو؟ فقال: لفقت 1 حدوده من علي بن أبي طالب 2.

ولا ريب أن الاختلاف في المختار من القولين بين الجماعة والأنباري مرجعه إلى الحدس والتخمين، فليس مع أحد المختارين ما يرجحه على الآخر لا من العقل ولا من النقل المتواتر، فما هي إلا روايات يناهض بعضها بعضا غير أن الظنون متفاوتة عند الموازنة بين المتكافئين، ويظهر أن الحق في جانب الجماعة، فإن وضع النحو أمر خطير يتقاضى من القائم به عناية مبذولة إليه خاصة وصدوفا عن مشاغل الحياة عامة، ووقتا طويلا يستنزف في التقصي للكلام العربي، وإعمال الفكر واستخراج القواعد، في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015