...
المطلب الأول: علم النحو وعلماؤه في عهد الدول الإسلامية المتعاصرة
إن تعدد هذه الدول الحديثة وإن كان قد فت في عضد الدولة الإسلامية إلا أن تنافس ملوكها على اختلاف أصولهم من فارسي وتركي وعربي حملهم على مناصرة علمائهم استكمالا لاستقلالهم الجديد، وقد تبع ذلك أن العلماء أنفسهم تأثروا بهذه الروح، فتغيرت تقاليدهم النسبية إذ كانوا قبلئذ ينتسبون غالبا إما إلى أصولهم: "كالدؤلي، والمازني، والجرمي، والزيادي، واللحياني"، أو صناعتهم: "كالهراء، والزجاج، والنحاس"، أو ما يتصل بهم على وجه ما: "كالكسائي، والزجاجي"، فصاروا ينتسبون بعدئذ بكثرة إلى الأقطار المقيمين بها أو المدن التي نشئوا فيها، فقيل: "السيرافي، والفارسي، والرماني1، والبغدادي، والتبريزي2، والزمخشري، والأنباري3، والعكبري4، والسهيلي، والإشبيلي، والبطليوسي5، والشمنتري6، والمصري، والحلبي، والدمشقي"، وما إلى ذلك مما ستراه كثيرا إن شاء الله تعالى.
على أنه مما يلاحظ أن هذا النوع من النسب لقي ارتياحا من نفوس العلماء فاتخذوه لقبا وارتضوه، وبقي على مر الزمن شعار العلماء حتى عصرنا الحاضر.
فاتسعت الحركة العلمية بعد حصرها في دائرة ضيقة ونشطت بعد