ونظرت فإذا تلعة من التلاع، مشرفة على اليفاع، من تلك البقاع، فاقتعدت ذروتها، وتلقيت للقيلولة هضبتها. فما استقر المجلس بي ولا بلغت من الراحة أربي، إلا والغبرة قد نشرت، والوحوش للورد قد حشرت:
فمن أسد ورد شديد الباس، عرد صعب المراس، بين جفنيه مقباس. شثن الكف، لا يرهب من أبطال الصف. ملك مهاب، تبري الإهاب، حديد الظفر والناب، يخلفه الشبل إن غاب عن الغاب:
متخضب بدم الفوارس لابس ... في غيله من لبدتيه غيلا
يطأ الثرى مترفقاً من تيهه ... فكأنه آس يجس عليلاً
ومن نمر شرس الأخلاق، دم الفريسة بين يديه يراق. الجلبة ضمن جلبابه، والنوائب كامنة في أنيابه، وثباته لاتنكر، وثباته أشهر من أن يذكر. يقطع الطريق، ويحب شرب الرحيق:
أحسن به من النمور أهرتا ... يحار في تدبيجه أهل الحجا
إذا بدا يريك من إهابه ... طرة صبح تحت أذيال الدجا
ومن فهد خصره رقيق، وعقد فقاره وثيق، واضح الجبين، أفطس العرنين. كم فرى من فرا، واجترح واجترا، وظفر فظفر، وتخفر به الصيد فما خفر.
فهد كحيل المقلتين مرقش ... جهم المحيا لا يمل من الحنق