يامن أدركه المشيب، اترك الغزل والنسيب، إرجع إلى الله من قريب، ولذ بالمتاب واعدل عن الخضاب، واخش نصول الفضول، ودع من يزور ثم يزول. ولا تطمع بوصل الحسان، واكتب لهن تسريحاً بإحسان، واحذر منهن العدو الأزرق، واسبق إلى منعهن من قبل أن تسبق.
عذر الكواعب أنهن كواكب ... لا يجتمعن مع الصباح إذا بدا
فنظر إلي مليا، وقال: لقد جئت شيئاً فرياً. ياهذا أنت ناصح أمين، أم ذابح بغير سكين؟ نكست الأعلام وفتنت الأحلام، وفخمت الوعيد، وجلت في ميدان التهديد، وآثرت نيران التلف، ودثرت {عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَف}، وأدنيت غمام الغم، ومدحت ما يستحق الذم:
ما رأينا المشيب إلا كثلج ... أبيض بارد قليل المقام
واهاً له من زائر يظهر العدل وهو جائر، يأتي من الشهب على كل ضامر، ويخرب من الأعمار كل عامر، ولا يرجى لسليبه عوض، ولا يقضي لصاحبه غرض. ناع ينغص لذة الرفاق، وساع يطوف بحرم الفراق. معلول لا يعتني بحفظ ميثاقه، ورسول معجزته الخوف من اجتماعه، والفرق من فراقه:
له منظر في العين أبيض ناصع ... ولكنه في القلب أسود أسفع
غرة مرة، ونور ليس معه مسرة. يبلي الجديد، ويصيد