ولت ألوذ إلا بباب نعمك، ولا أعتمد في محو الإساءة إلا على حلمك وكرمك. وما جل ذنب يضاف إلى صفحك، ولاعظم جرم يطرد غراب ليله باز صبحك. ومثلك من يسد الخلل، ويغفر الخطأ والخطل، ويقيل العثرات، ويتجاوز عن الهفوات، ويمح بالعفو تفضلاً، ويزيل القبض عن بسط العذر متطولاً، فلا تخدش وجه رضاك بالغضب، ولا تجمع لمن أسره التفريق بين العتب والتعب، ورق على عبد رقك، وأره الدجا والضحى من فرعك وفرقك، وأذقه أري وصالك، كما جرعته شري انفصالك.
وكنت اظن أن جبال رضوى ... تزول وأن ودك لا يزول
ولكن القلوب لها انقلاب ... وحالات ابن آدم تستحيل
طالما آنستني بقربك، ودنوت مني مفارقاً ظباء سربك، واعتنيت بأمري، وأخمدت برضاب ثغرك جمري، وأنجزت وعودي، وأطلعت نجوم سعودي، وأطلت سروري وابتهاجي، وأصلحت بشراب وصلك مزاجي، وجلوت طرفي بمحاسن طلعتك، وأرويت ظمئي بالعذب الفرات من
شرعتك.
وكنت إذا ما جئت أدنيت مجلسي ... ووجهك من ماء البشاشة يقطر
فمن لي بالعين التي كنت مرة ... إلي بها في سالف الدهر تنظر