فلما أتمت الإنشاء، والانشاد وشرعت في طلب الإسعاف والإسعاد؛ تبسم الفجر ضاحكاً من شرقه، ونصب أعلامه على منازل أفقه، فانطوى نشر الليل، وكف من غمره الذيل، وارتفعت الحجب، وتأججت نار الشهب، واقتنص بازي الضوء غراب الظلام، وفضّ كافور النور عن الغسق مسك الختام:
وشردّ الصبح عنا الليل فاتضحت ... سطوره البيض في ألواحه السود
وفلت جيوش الدجا، وحرك النهار منه ما سجا، وجنح جنحه إلى الرحيل، وتلا لسان حال التحويل: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ}
بكرت يوماً بعد أداء الفرض، أتفكر في خلق السموات والأرض، فلمحت المشرق بالنظر، وإذا قرن الغزالة قد ظهر، كأنه جذوة نار، أو قطعة من دينار، أو كأس سُتر بعضه بالحباب، أو حسناء غطت وجهها بنقاب، ثم كشفت أستارها، وألقت على الأفق أنوارها، وبرزت كأنها كرة في ميدان، أو مجَنّ دولاب ضمخ بالزعفران، أو مرآة لم