عتاب بن ورقاء الشاعر:
إن الليالي للأنام مناهل ... تطوي وتنشر بينها الأعمار
فقصارهن مع الهموم طويلة ... وطوالهن مع السرور قصار
فقمت من مضجعي، وقد بل ردني مدمعي، متحيراً في أمري، متأسفاً على ما فات من عمري، وقلت: أيها الطارق في ظلمة الليل الغاسق، هل لك في المنادمة؟ فقال: كم نديم سفك المنى، دمه. ثم سلم وجلس، وما تنفس وما نبس. فقلت: يا من شنف السمع بدُره، اذكر لي شيئاً في طول الليل وقصره. فقال:
وليل كواكبه لا تسير ... ولا هو منها يطيق البراحا
كيوم القيامة في طوله ... على من يراقب فيه الصباحا
مقيم ليس يبرح، وعاجز لا يظعن ولا ينزح، برد نجومه لا يذوب وغائب ضوئه ليس يؤوب، لا يبلى جديد مسحه، ولا يجنح إلى الحركة ساكن جنحه، عليله ما يرجى صلاحه، وصباحه، لا يلوح مصباحه، قطع الطريق على السحر، وعذب أجفان المحبين بالسهر:
حدثوني عن النهار حديثاً ... أوصفوه، فقد نسيت النهارا
كأنه صريع راح، أو طائر مقصوص الجناح، أو أسير يخبط