كأذيال خود أقبلت في غلائل ... مصبغة والبعض أقصر من بعض
فلما تراكمت السحائب، واجتمعت حولها الكتائب، واتسع صدرها، واستحكم أمرها، وحلق بالجو ناهضها واعترض في الأفق عارضها، ونصبت راياتها، وانتهت غاياتها، وآن رحيلها وتفريق شملها، وحان وضعها وفصال حملها، أجرت مدامعها، وردت ودائعها، وحلت نطاقها، وفكت أزرار أطواقها، وحثت الركائب، وأسبلت الذوائب، وسمحت بطلها وطشها، وسكنت رهج الغبراء برشها، وأروت الحرة برذاذها وهطلها، وأذهبت الحرقة بديمها ووبلها، وآثرت بجودها وجودها، ونثرت على بساط الأرض جواهر عقودها. أبو هلال العسكري:
تخال بها مسكاً وبالقطر لؤلؤاً ... وبالروض ياقوتاً وبالوحل عنبراً
كم أبدت إحساناً وبراً، وبردت من كبد حرى، وأسدت معروفاً، وأغاثت ملهوفاً، وساقت إنعاماً، وسقت حرثاً وأنعاماً، وكفت هماً حين وكفت، وقرطت اّذان الأغصان وشنفت، وأنشرت أمواتاً، وأخرجت حباً ونباتاً، ونشرت مطرفاً بعد الطي {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} وكم نقعت غليلاً، ونفعت عليلاً،