يا كوكباً ما كان أقصر عمره ... وكذاك عمر كواكب الأسحار
وقد علم الله شوقي إليه، وشدة قلقي وحرقي عليه، وغمي لمغيبه بعد إشراقه، وفرط بثي وحزني لفراقه، وما سال من دموعي وساح، وأصاب جوارحي من الجراح:
موت الصغير مصيبة غاراتها ... ما تنقضي، وكميها لم يقهر
قسماً بمن يحيي رفات الخلق ما ... فقد الهشيم كفقد روض مزهر
ولقد أجرى ماء العيون معيناً، وكنا نرجوه معيناً. أعاد أيامنا سوداً وكانت به بيضاً ليالينا. لو أن الحتف يقبل الفدا، أو أن الحمية ترد الردى، لفديناه بالأموال والأرواح، وخضنا دونه بحار السيوف والرماح، ولكنه الكأس الذي يستوي في شربه الصغير والكبير، والسبيل
المحتوم سلوكه على المأمور والأمير. فإنا لله وإنا إليه راجعون، وبحكمه راضون، ولأمره طائعون، له ما أعطى وله ما أخذ، وهو الذي يرسل سهم المنية ولولاه ما نفذ.
وأنت أبقاك الله أولى من للقضاء سلم، وسكن منبسط النفس ولو بأنياب النوائب تكلم، وقابل القدر بوجه الرضا لا الغضب، والحمد لله على كل حال إن وهب أو سلب، فالجزع لا يجدي ولا يفيد، والماضي لا يعاد إلى يوم الوعيد، والأجر موقوف على الاحتساب، والله عنده حسن الثواب، فادخره للأخرى فالدنيا متاع الغرور {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}