سبحانه وتعالى لا يقضي للمؤمن ولا للمؤمنة إلا بما هو خير سواء في عاجل الأمر أو آجله. ولا عبرة لما يكون من كلا الطرفين قبولا واستحسانا أو رفضا واستهجانا؛ فإن اختيار الله تعالى ليس قبله ولا بعده اختيار.
ثم تزوجت زينب زيدا بناء على الوحي الإلهي غير المردود، الذي لا معقب له، فهو غير منقوض.
لكن سحب الشقاء لم تنقشع عن سماء الزوجية الملبدة بغيوم الهموم، فإن زينب لم تكن هانئة ولا هادئة في بيت الزوجية حيث لم تذق طعم الاستقرار النفسي ولا الطمأنينة ... كذلك عاش زيد حياة قاسية مريرة مع زينب، فهو لا يرضى أن يكون زوجا مفروضا على عقيلة من أشراف قريش، وهو مولى من الموالي والرقيق ...
ولم يكن عند زيد إزاء إعراض زينب عنه إلا أن يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ولم يكن من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يأمره بالصبر وبتقوى الله، وأن يمسك عليه زوجه ... ثم تتكرر الشكوى من زينب لسوء معاملتها لزوجها وقسوتها عليه، وإعراضها عنه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينصحه بمزيد من الصبر والتقوى والاحتمال ...
لكن بلغ السيل الربى، وبلغ الحز المفصل، ووصل السكين العظم، وبلغت الدلو الحمأة ... كان لا بد من التفريق بينهما حيث إن العشرة أصبحت في تلك اللحظة ضربا من المحال، فكان طلاقها ثم تزويجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ذكر الإمام الطبري في تاريخه المشهور، وابن سعد في طبقاته الكبرى من طريق الواقدي أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بيت زيد يطلبه فلم يجده،