فراشها فيها غير أدم حشوه ليف، ليس بينه وبين الأرض إلا الحصير، وعلى فتحة الباب أسدل ستار من الشعر.

هذا البيت المتواضع البسيط الذي مدّ أفياءه على خير مخلوق، وأكرم مبعوث، وأجمل عروس، وأذكى فتاة، وأكرم عقيلة، هذا البيت كان نموذجا ومثلا حيا للتواضع والزهد وصفاء العنصر، وعدم التكلف الذي يرغب إليه كثير من الناس، فإن الذي استدبر الدنيا، وأعرض عنها، واتجه للآخرة وسعى لها سعيها، يكون في كل أطواره ومختلف أحواله زاهدا في زخرفها متزجيا منها باليسير، متبلغا بالقليل، مكتفيا بما يسد الرمق.

لم يكن عرس عائشة ولا بيتها متكلفا ولا مبالغا فيه، لكنه كان مقتصدا، ولسان حاله صلى الله عليه وسلم يقول: «وما أنا من المتكلفين» .

وهذا مثل يجب أن يظل مضروبا في كل الأعصار والأمصار عند النسب والمصاهرة، ألا وهو وجوب توافق العناصر، وتواؤم الطبائع، والتقاء الأرواح وتعانق القلوب، وطهارة الدخائل، هذا كله قبل إعداد شقق الزوجية، والإنفاق بالسرف على النوادي والحفلات الصاخبة التي تهدر فيها آلاف الجنيهات في ولائم مبالغا فيها يحضرها الأغنياء، ولا يأتيها الفقراء.

تفتحت عينا العروس الصغيرة على بيت الزوجية بما فيه من مسؤوليات وتبعات، لكنها لم تكن تدرك أبعاد الحياة الجديدة، إذ إنها لا زالت تمرح على مدارج الطفولة، وتسرح في منادح الصبا.

وكانت هذه الطفولة البريئة تسعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن ليضيق بها أبدا، فهو الذي كان يأتيها بصواحبها ليلعبن معها، هذه الصبية الغرير اللاعبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015