كانت امرأة حازمة، جلدة، شريفة مع ما أراد الله تعالى بها من الخير والرفعة والكرامة، فهي أوسط قريش نسبا، وأعظمهم شرفا، وأكثرهم مالا، وكان رجال قومها حريصين على نكاحها لو كان ذلك مقدورا عليه، لقد رغبوا فيها جميعا لسري خلقها وشرفها وحسبها ونسبها في قومها، فضلا عن يسارها وثرائها من تجاراتها الرابحة، لكنها رغبت عنهم جميعا ورغبت في محمد بن عبد الله.
لذلك فقد أرسلت إليه نفيسة بنت منبه لتكلمه في هذا الأمر وندعها تتحدث بنفسها عما جرى في هذا الصدد. تقول نفيسة بنت منبه مبعوثة السيدة خديجة: - «فأرسلتني (أي خديجة) دسيا إلى محمد بعد أن رجع في عيرها من الشام، فقلت: يا محمد، ما يمنعك أن تزوّج؟ فقال: ما بيدي ما أتزوج به، قلت: فإن كفيت ذلك، ودعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة، ألا تجيب؟
فقال: فمن هي؟ قلت: خديجة، قال: وكيف لي بذلك؟ قالت: قلت:
عليّ، قال: فأنا أفعل، فذهبت فأخبرتها، فأرسلت إليه أن ائت الساعة كذا وكذا، وأرسلت إلى عمها عمرو بن أسد ليزوجها فحضر، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمومته، فزوجه أحدهم، فقال عمرو بن أسد: هذا البضع لا يقرع أنفه، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ابن خمس وعشرين سنة، وكانت هي رضي الله عنها بنت أربعين سنة، حيث كانت ولدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة (?) .