مغرورقتان بالدموع الواكفة، وقلبه مضطرم بالنيران المشبوبة، وفؤاده محزون تتقطع نياط قلبه ... وتغرب عينا إبراهيم بعد لحظة وداع فاترة النظرات إلى الملامح والتقاسيم ... وينظر رسول الله صلى الله وسلم لابنه وهو يكيد بنفسه، فيقول:
«إنا يا إبراهيم لا نغني عنك من الله شيئا»
وأخرج الشيخان في الصحيحين، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على «أبي سيف، القين» وكان ظئرا لإبراهيم عليه السّلام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبّله وشمه.
ثم دخلنا عليه بعد ذلك، وإبراهيم يجود بنفسه ... فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تدمعان، فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: وأنت يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «يا بن عوف، إنها رحمة» . ثم أتبعها أخرى فقال صلى الله عليه وسلم:
«إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنّا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون» (?) .
وكان إبراهيم عليه السلام ولد سنة ثمان، وقضى نحبه سنة عشر من الهجرة على الأرجح.
ثم قال عليه الصلاة والسلام وعيناه تكفان وتهضبان سخين العبرات، وانحنى على جثمان صغيره المسجى يقبله ثم قال: «يا إبراهيم، لولا أنه أمر حق