الله عليه وسلم، لكنه وصل بعد هذه المساعي الموصولة إلى طريق مسدودة موصدة فما يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخذ أخيرا بنصيحة علي بن أبي طالب، وهي أن يجير هو بين الناس، ثم يسرع فيلحق بأرضه، ومن ثم ذهب أبو سفيان إلى المسجد، ثم أعلن أنه أجار بين الناس، ثم أسرع إلى راحلته، فانطلق بها يعدو في طريق مكة كأنه يفر من مطارد.

رجع أبو سفيان إلى قومه يضرب أصدريه، وعاد بخفي حنين، صفر اليدين، مجروح الكرامة، مبخوس الحظ، مقروح الفؤاد، مصدوع الكبد ...

وفي طريق من طرق مكة والجيش اللجب الجرار، والخميس العرمرم يتوجه قاصدا البيت الحرام، والأبطال المغاوير شاكين السلاح، ولقي العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم أبا سفيان فابتدره العباس ينبئه بالخبر، فقال له:

«ويحك يا أبا حنظلة، هذا رسول الله في الناس واصباح قريش إذا دخل مكة عنوة! فأسلم ثكلتك أمك وعشيرتك» .

ثم أجاره العباس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه عنده، وفي الغداة من صباح اليوم التالي جاء به العباس لعرضه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له:

«ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم ألاإله إلا الله؟» قال: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! والله لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره، لقد أغنى شيئا بعد!» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«ويحك يا أبا سفيان: ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015