أصدقها من عنده أربعمائة دينار، وكان ذلك سنة سبع، وكان عمرها وقتذاك بضع وثلاثون سنة.
وكان أبو سفيان أبوها لا يزال مقيما على الشرك، ولما علم وبلغه ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم عجب له وقال: ذلك الفحل لا يقرع أنفه!! وقد توفيت رضي الله عنها بالمدينة سنة أربع وأربعين، وروت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وستين حديثا.
ظهرت المدينة في أبهى صورها، وأجمل رونقها وهي تتهيأ لاستقبال الظافرين المسلمين من خيبر الذين أتوا على قافلة الشرك فقصموا ظهره، وأتوا بنيانه من القواعد، وفي نفس الوقت تستقبل المدينة مهاجرة الحبشة الذين جاؤا في صحبة عمرو بن أمية الضمري المبعوث من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي، ليعود بمن بقي في بلاده من المهاجرين الأولين.
ويتفرس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوه أصحابه ورجاله من المهاجرين الكماة (?) الأبطال فما أن يلمح ابن عمه جعفر بن أبي طالب، حتى وثب من فوق راحلته، معانقا ومقبلا عينيه، وهو يقول هاشا مغبوطا:
«ما أدري بأيهما أنا أسر: بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟» .
وكان من بين المهاجرات اللاتي وصلن (أم حبيبة) رملة بنت أبي سفيان، أم المؤمنين، وكانت فرحتها وغبطتها لا نهائية حيث رحب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتح لها صدره وقلبه، ليكافئها على صبرها وابتلائها في بلاد الغربة النائية الشطون، حيث كانت مصيبتها وفجيعتها في زوجها الهالك عبيد الله بن