مسلمٍ وأَشَدُّ، وشَرْطُهُ فيها أَقوى وأَسَدُّ.

أَمَّا رُجْحانه مِن حيثُ الاتصالُ: فلاشْتِراطِهِ أَنْ يكون الراوي قد ثبت له لِقَاءُ مَنْ روى عنهُ، ولو مَرَّةً، واكْتَفى مسلمٌ بمطْلَقِ المُعاصَرَةِ.

وأَلزم البخاريَّ بأَنَّهُ يَحتاج أَنْ لا يَقبَل العنعنةَ أَصلاً، وما أَلْزَمَهُ به ليس بلازمٍ؛ لأن الراوي إِذا ثبتَ لهُ اللِّقاءُ مرَّةً لا يجْري في رواياته احتمالُ أن لا يكون سَمِع؛ لأنَّهُ يَلْزم مِن جَرَيَانِهِ أَنْ يكونَ مدلِّساً، والمسألة مفروضة في غير المدلِّس.

وأَمَّا رُجْحانُه مِنْ حيثُ العدالةُ1 والضبطُ: فلأنَّ الرجالَ الَّذينَ تُكُلِّمَ فيهِم مِن رجالِ مسلمٍ أكثرُ عَدداً مِن الرِّجالِ الَّذينَ تُكُلِّمَ فيهِم مِنْ رجالِ البُخَارِيّ، معَ أَنَّ البخاريَّ لم يُكْثِرْ مِن إِخراجِ حَديثِهِمْ، بل غالبُهم مِن شيوخِهِ الذينَ أَخذ عنهُم، ومَارَسَ حَديثَهُم، بخلافِ مسلمٍ في الأمْرَينِ.

وأَمَّا رُجحانُه مِن حيثُ عدمُ الشذوذِ والإعلالِ: فلأن ما انْتُقِدَ على البُخَارِيّ مِن الأحاديثِ أقلُّ عدداً مِمَّا انْتَقِدَ على مسلمٍ، هذا مع اتِّفاقِ العُلماءِ على أنَّ البخاريَّ كانَ أجلَّ مِنْ مُسْلم في العُلومِ، وأعرفَ بصناعةِ الحَديثِ مِنهُ، وأَنَّ مُسلماً تِلْميذهُ وخِرِّيجُهُ ولم يَزَلْ يستفيدُ منه ويَتَّبع2 آثارَه، حتَّى لقد قالَ الدارقطنيُّ3: لولا البخاريُّ لما راحَ مسلمٌ ولا جاء4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015