وإن اشْتَرَكَ اثْنَانِ عَنْ شيخٍ وتَقدَّم موتُ أحدِهما على الآخَرِ؛ فهُوَ السَّابِقُ واللاَّحِقُ.
وأكثرُ ما وَقَفْنا عليهِ مِن ذلك ما بينَ الرَّاوْيَيْنِ فيه في الوفاة مائة وخَمْسونَ سنةً، وذلك أَنَّ الحافظَ السِّلَفِيَّ سَمِع منهُ أَبو عليٍّ البَرَدَاني-أحدُ مشايخِهِ- حَديثاً، ورواه عنه، ومات على رأس الخمسمائة، ثمَّ كانَ آخِرَ أصحابِ السِّلَفِيّ بالسماعِ سِبْطُهُ أبو القاسمِ عبدَ الرحمنِ بن مَكِّيٍّ، وكانتْ وفاتُهُ سنةَ خمسين وستمائة.
ومِن قديمِ ذلك أَنَّ البُخَارِيّ حدَّث عن تلميذه أبي العباس السَّرَّاج أشياء، في التَّاريخِ وغيرِه، وماتَ سنةَ ستٍّ وخمسينَ ومائتين، وآخِرُ مَن حَدَّث عن السَّرَّاج، بالسَّماعِ، أَبو الحسين الْخَفَّاف، وماتَ سنةَ ثلاثٍ وتسعينَ وثلاثِ مئةٍ.
وغالِبُ ما يقعُ مِن ذلك أَنَّ المسموعَ منه قد يتأخر بعد أحدِ الرَّاويينِ عنهُ زماناً؛ حتَّى يسمَعَ منهُ بعضُ الأحداث، ويعيش بعد السماع، دَهْراً طويلاً؛ فَيَحْصل مِن مجموعِ ذلك نحوُ هذه المدة. والله الموفق.