3- ومِن الصِّيَغِ المحتَمَلَةِ قولُ الصَّحابيِّ: مِن السُّنَّة كذا:
أ- فالأكثر أَنَّ ذلك مرفوعٌ، ونَقل ابنُ عبدِ البرِّ فيهِ الاتِّفاقَ، قالَ: وإِذا قالَها غيرُ الصَّحابيِّ فكذلك، ما لم يُضِفْها إِلى صاحِبِها، كسُنَّةِ العُمَرَيْن، وفي نقْل الاتِّفاقِ نظرٌ؛ فعَنِ الشَّافعيِّ في أصل المسألة قولان.
ب-وذَهَبَ إِلى أَنَّهُ غيرُ مرفوعٍ أَبو بكرٍ الصَّيرفيُّ مِن الشَّافعيَّةِ، وأَبو بكرٍ الرَّازيُّ مِن الحنفية، وابن حزم مِن أَهلِ الظَّاهِرِ، واحتَجُّوا بأَنَّ السُّنَّةَ تتردَّدُ بين النبي صلى الله عليه وسلَّمَ وبينَ غيرِه.
وأُجِيبوا: بأَنَّ احْتِمالَ إرادةِ غيرِ النبي صلى الله عليه وسلم بعيدٌ، وقد روى البُخَارِيّ في صحيحِه في حديثِ ابنِ شِهابٍ عن سالِمِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ عن أَبيهِ في قصَّتِه معَ الْحَجَّاج حينَ قالَ لهُ: إِنْ كُنْتَ تُريدُ السُّنَّةَ فَهَجِّرْ بالصلاة قالَ ابنُ شِهابٍ: فقلتُ لسالمٍ: أَفَعَلَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلَّمَ؟ فقالَ: وهل يَعْنون بذلك إِلاَّ سُنَّتَهُ؟!، فَنَقَلَ سالمٌ -وهو أحدُ الفُقهاءِ السَّبعَةِ مِن أهل المدينة، وأحدُ الحفَّاظِ مِن التَّابعينَ- عنِ الصَّحابةِ أَنَّهم إِذا أَطلقوا السُّنَّة لا يُريدونَ بذلك إِلاَّ سُنَّةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وأما قول بعضهم: إنْ كانَ مرفوعاً فَلِمَ لا يقولونَ فيهِ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟.
فجوابُهُ: إِنَّهُم تَرَكوا الجَزْمَ بذلك تورُّعاً واحتِياطاً، ومِن هذا قولُ أَبي قِلابة عن