ولم يَحْصل الاعتناءُ بتمييزِ أَحدِ القِسمينِ مِن الآخَرِ؛ لمصلحةٍ اقتضتْ ذلك، وهي ترتيبُها على الأشدِّ فالأشدِّ في موجبِ الردِّ على سَبيلِ التّدلِّي؛ لأنَّ الطَّعْنَ إِمَّا أَنْ يكونَ:
1- لِكَذِبِ الرَّاوِي في الحديثِ النبويِّ: بأَنْ يرويَ عنهُ صلى الله عليه وسلم ما لم يَقُلْه، متعمِّداً لذلك.
2- أو تُهمتِهِ بذلكَ: بأَنْ لا يُرْوَى ذلك الحديث إلا من جهته، ويكونَ مُخالِفاً للقواعِدِ المعلومةِ، وكذا مَن عُرِفَ بالكذبِ في كلامه، وإنْ لم يَظهر منهُ وقوعُ ذلك في الحَديثِ النبويِّ، وهذا دُونَ الأولِ.
3- أَو فُحْشِ غَلَطِهِ، أي: كَثْرَتِه.
4- أَو غفلتهِِ عن الإِتقان.
5- أَو فسقِهِ: أي: بالفعل أو القول، مما لم يَبْلُغ الكفر. وبينه وبين الأوَّلِ عموم، وإِنَّما أُفْرِدَ الأوَّلُ لكونِ القدْحِ بهِ أشدَّ في هذا الفن، وأما الفسق بالمعتقد فسيأتي بيانه.
6- أو وَهَمِهِ: بأَنْ يَرْوِي على سبيلِ التوهمِ.
7- أَو مخالفتِهِ، أي للثقات.
8- أو جهالتِهِ: بأن لا يُعْرَفَ فيه تعديلٌ ولا تَجْرِيحٌ مُعَيَّنٌ.
9- أَو بدعتِهِ: وهي اعتقادُ ما أُحْدِثَ على خِلاف المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلَّمَ، لا بمعاندةٍ، بل بنوعِ شُبْهَةٍ.
10- أَو سوءِ حفظِهِ: وهي عبارةٌ عمن يكون غلطُهُ أقلَّ من إصابته.