...
[مختلف الحديث، وطُرق دفَعِ التعارض بين الحديثين المتعارضين في الظاهر]
وإن كانت المعارضة بمثله؛ فلا يَخْلو: إِمَّا أَنْ يُمْكِنَ الجَمْعُ بين مدلولَيْهِما بغيرِ تعسُّفٍ، أو لا، فإِنْ أَمْكَنَ الجَمْعُ فهو النَّوعُ المسمَّى: مختَلِفَ الحديث.
ومَثَّلَ لهُ ابنُ الصَّلاحِ بحديثِ: "لا عَدْوَى ولا طِيَرَةَ"، مع حديثِ: "فِرَّ مِنَ المَجْذُوم فِرارَكَ مِنَ الأسَدِ" وكلاهُما في الصَّحيحِ وظاهِرُهما التَّعارُضُ.
ووجْه الجمعِ بينَهُما: أَنَّ هذهِ الأمراضَ لا تُعْدِي بطبعها، لكنّ الله سبحانه وتعالى جعلَ مخالَطَةَ المريضِ بها للصَّحيحِ سبباً لإعدائِهِ مَرَضَه، ثمَّ قد يتخلَّفُ ذلك عن سبَبِه كما في غيرِهِ من الأسبابِ. كذا جَمَعَ بينَهما ابنُ الصَّلاحِ، تَبَعاً لغيرِه.
والأَولى في الجمع أنْ يُقال: إنَّ نَفْيَه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ للعَْدوى باقٍ على عُمومه، وقد صحَّ قولُهُ صلى الله عليه وسلم: "لا يُعْدِي شيءٌ شَيئا"ً، وقولُهُ صلى الله عليه وسلَّمَ لِمَن عارَضَهُ بأَنَّ البعيرَ الأجربَ يكونُ في الإِبلِ الصَّحيحةِ فيخالِطها فتَجْربُ، حيثُ رَدَّ عليهِ بقولِه: "فَمَنْ أَعْدَى