أَمَّا بَعْدُ: فإِنَّ التَّصانيفَ في اصْطِلاحِ أَهلِ الحَديثِ، قَدْ كَثُرَتْ للأئمةِ في القديمِ والحَديثِ.
فمِن أوّلِ مَن صَنَّفَ في ذلك:
1- القاضي أبو محمَّدٍ الرامَهُرْمُزِي في كتابه: "المحدِّثُ الفاصل"، لكنَّه لم يَستوعب.
2- والحاكِمُ أبو عبدِ اللهِ النَّيْسَابوريُّ، لكنَّه لم يُهَذِّب، ولم يُرَتّب.
3- وتلاه أَبو نُعَيْم الأصْبهاني فعَمِل على كتابهِ مستخْرَجاً وأبقى أشياءَ للمُتَعَقِّب.
4- ثمَّ جاءَ بعدَهم الخطيبُ أبو بكرٍ البغداديُّ فصَنَّفَ في قوانينِ الروايةِ كتاباً سَمَّاهُ: "الكفايةَ"، وفي آدابِها كتاباً سَمَّاهُ: "الجامعَ لآدابِ الشَّيْخِ والسَّامِع"، وقَلَّ فَنٌّ مِن فُنونِ الحَديثِ إِلاَّ وقد صَنَّفَ فيهِ كتاباً مفْرَداً؛ فكانَ كما قال الحَافظُ أبو بكرِ بنُ نُقْطَةَ: كلُّ مَن أَنْصف عَلِم أَنَّ المحدِّثين بعدَ الخَطيبِ عيالٌ على كُتُبِهِ.
ثم جاء بعضُ مَنْ تَأَخَّرَ عنِ الخطيبِ، فأَخذ مِن هذا العلمِ بنصيبٍ: