فإِنْ جُمِعا، أي الصحيحُ والحسنُ، في وصفٍ واحدٍ، كقولِ التِّرمذيِّ وغيرِه: "حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"، فللتَّرَدُّدِ الحاصلِ مِن المُجتهدِ في النَّاقِلِ: هل اجتمعتْ فيهِ شُروطُ الصِّحَّةِ أَو قَصُرَ عَنْها، وهذا حَيْثُ يَحْصل منهُ التَّفرُّدُ بتلكَ الرِّوايةِ.
وعُرِفَ بهذا جوابُ مَنِ استشكلَ الجمعَ بينَ الوصفينِ؛ فقالَ: الحَسَنُ قاصرٌ عنِ الصحيحِ؛ ففي الجمعِ بينَ الوَصفَيْنِ إثباتٌ لذلك القصورِ ونَفْيُهُ!.
ومُحَصَّل الجواب: أنّ تردُّدَ أئمة الحديث في حالِ ناقلِهِ اقْتَضى للمُجتهدِ أَنْ لا يصفه بأحدِ الوصفين، فيُقال فيهِ: حَسَنٌ باعتبارِ وصْفِهِ عندَ قومٍ، صحيحٌ باعتبارِ وصْفِهِ عند قومٍ، وغايةُ ما فيهِ أَنَّه حُذِف منهُ حرفُ التردُّدِ؛ لأنَّ حقَّهُ أَنْ يقولَ: "حسنٌ أَو صحيحٌ"، وهذا كما حُذِفَ حَرْفَ العَطفِ مِن الذي بعده1.