هذا، فضلا عن أنّ المؤلّف ينقل عن كتابه «آثار الأول» عدّة أخبار، وفيه يذكر أنه ينقل عن كتاب «الألوف» لأبي معشر (?).
وفي المقابل، اتّخذ المؤرّخون من «نزهة المالك والمملوك» مصدرا لموادّ مصنّفاتهم، وإن كان الكثير منهم لم يصرّحوا بذلك، إلاّ أنّ مجرّد المقارنة بين مادّة المؤلّف التي حشدها في «النزهة»، والموادّ التي نراها في كتب المؤرّخين المعاصرين له، أو المتأخّرين عنه، يدعم وجهة نظرنا. فأغلب المادّة في القسم الأول من كتاب «نزهة المالك» نراه يتردّد عند «القلقشندي» في «صبح الأعشى»، وعند «المقريزيّ» في «المواعظ والاعتبار» المعروف بخطط المقريزي، وعند «ابن تغري بردي» في «النجوم الزاهرة»، وعند «السيوطي» في «حسن المحاضرة». أمّا القسم الثاني من مادّة الكتاب فنرى أكثره مكرّرا في عدّة مصادر معاصرة ولا حقة، مثل: «نهاية الأرب» للنويري، و «زبدة الفكرة» و «التحفة الملوكية» لبيبرس المنصوري، و «تاريخ سلاطين المماليك» الذي نشره «زتر ستين» ولا يعرف مؤلّفه، و «المقتفي» للبرزالي، و «الدرّة الزكية» و «الدرّ الفاخر» وهما لابن أيبك الدواداري، و «الجوهر الثمين»، و «النفحة المسكية» وهما لابن دقماق، و «السلوك» للمقريزي، و «بدائع الزهور» لابن إياس.
لا تنحصر أهميّة كتاب «نزهة المالك» بأنه اعتمد مصدرا لدى المؤرّخين فحسب، بل إنّ أهمّيته تتضاعف حيث نجده ينفرد بذكر عدّة أخبار لا نجدها عند غيره من المؤرّخين، وبذلك يضيف إلى معارفنا معلومات تاريخية نادرة نضيفها إلى ما لدينا من مخزون متداول ومنشور، فلقد هيّأ موقع المؤلّف في ديوان المملكة بمصر فرصة الاطّلاع بنفسه على نصوص المعاهدات بين ملوك مصر والفرنج، وبيانات الإحصاء التي كانت ترد إلى ديوان الإنشاء، وغير ذلك من نصوص نقلها من مصادر نادرة لم نقف عليها، ومن أخبار عن وقائع شاهدها بنفسه، وشارك فيها وعايشها.
فمن المعلومات والأخبار النادرة التي ينفرد بها كتابنا هذا، ما ذكره المؤلّف من محاسن مصر (?)، وخيرات مصر (?)، ونصّ الهدنة بين الملك الصالح نجم الدين أيوب والفرنج، في سنة 626 هـ. / 1228 م. وتشمل جبل بيروت وصيدا وأعمالهما وأراضيهما وحدودهما، وقلعة الشقيف وأعمالها، وقلعة تبنين وأعمالها، وقلعة هونين