الله العثماني النيوتيني ثم البنارسي أحد العلماء
المشهورين، ولد بقرية نيوتيني من أعمال موهان سنة ست ومائتين وألف وقرأ العلم على أبيه وعلى
غيره من العلماء ثم سافر إلى دهلي وقرأ بعض كتب الحديث على الشيخ إسماعيل بن عبد الغني
الدهلوي والشيخ عبد الحي بن هبة الله البرهانوي وأخذ بعضها عن الشيخ عبد القادر بن ولي الله
العمري الدهلوي سماعاً عليه ثم سافر إلى مكة المباركة فحج وصدر عنه بمكة بعض ما لا يليق بشأن
الأئمة المجتهدين فحبسه الولاة ثم أطلقوه فرجع إلى الهند وأقام بها زماناً ثم سافر إلى الحجاز في
ركب السيد الإمام أحمد بن عرفان الشهيد البريلوي فلما وصل إلى المدينة المنورة بعد الحج تكلم في
بعض المسائل الخلافية على عادته وتفوه في حق المجتهدين ورمى بالضلال أصحاب المذاهب الأخر
من الأحناف والشافعية وكان إذ ذاك الشيخ محمد سعيد الأسلمي المدراسي بالمدينة المنورة فوشي به
إلى القاضي فلما علم ذلك عبد الحق خرج من المدينة مختفياً وذهب إلى جريدة وأقام بها حتى قفل
الركب إلى تلك القرية فلحق به ثم انحاز عنه في جده ورحل إلى صنعاء اليمن ولقى بها القاضي
محمد بن علي الشوكاني والقاضي عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن البهكلي والشيخ عبد الله بن محمد
بن إسماعيل الأمير اليماني والشيخ محمد عابد بن أحمد علي السندي وكلهم أجازوه إجازة عامة سنة
ثمان وثلاثين ثم لحق بالقفل المذكور بمدينة مخا ورجع إلى الهند وسافر إلى الحجاز سبع مرات،
وكان السفر السابع سفره من الدنيا إلى الآخرة.
قال محمد بن عبد العزيز الزينبي في ثبته: هو شيخي على الحقيقة وقائدي إلى هذه الطريقة ولم أر
بعيني أفضل منه، سمعت منه الحديث المسلسل بالأولية عند قدومي عليه من لفظه وذلك في ربيع
الأول سنة سبع وسبعين ومائتين وألف وقرأت عليه الكثير وأجازني بجميع مروياته وكتب لي
الإجازات أكثر من عشر مرات وكلها موجودة عندي، وكان ولادته سنة ست ومائتين وألف كما
سمعت ذلك منه، وتوفي بمنى محرماً في ثاني ذي الحجة عام ست وسبعين ومائتين وألف يوم
الخميس ودفن على باب مسجد الخيف ليلة الجمعة وكنت حاضراً إذ ذاك، وكان ارتحل إلى اليمن
وسمع وأدرك منهم: السيد عبد الله بن الأمير والشيخ محمد بن علي الشوكاني والشيخ عبد العزيز
والشيخ عبد القادر وأضرابهما من أهل الهند، انتهى.
وللشيخ عبد الحق رسالة في قصة سفره إلى صنعاء اليمن ورجوعه منها إلى بلاد الهند، قال فيها:
إني ارتحلت من مدينة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عازماً إلى مدينة صنعاء المحمية لزيارة العالم
الرباني محمد بن علي الشوكاني فتحملت على نفسي مشاق الأسفار وتجرأت عليه بجوب البراري
والبحار ومصائب الأمطار حتى وصلت إلى المدينة المذكورة ونزلت في بيت من بيوتها ثم كتبت
إليه كتاباً وأرسلته صحبة بعض الناس فطلبني في ساعته وأكرمني غاية الإكرام وسألني عن مدة
عمري وما درست فيه ثم أعطاني نسخاً من مؤلفاته وأمرني بمطالعتها حتى طالعت أكثرها وكنت
أتشرف بزيارته في يومي درسه الإثنين والخميس وأسمع منه، فكان الشيخ يحل الغوامض
والمعضلات حق حلها فبينما أنا على هذا الحال إذ بليت بالحمى فبقيت محموماً زماناً طويلاً ثم
عافاني الله تعالى من ذلك وإذا بالشيخ قد عزم على السفر فسرت إلى حضرته وودعته وكان ذلك يوم
الجمعة عاشر جمادي الآخرة سنة 1238هـ، فتلطف بي وعطف علي فقرأت عليه غالب المسلسلات
ثم أجازني بجميع ماله من المرويات وكتب لي كتاب الإجازة بيده الشريفة وأعطاني ثبته اتحاف
الأكابر في أسناد الدفاتر وأشار إلي بنقله، وهذه صورة إجازة القاضي محمد بن علي الشوكاني لعبد
الحق المذكور.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله يقول محمد بن علي الشوكاني غفر الله لهما حامداً لله تعالى
ومصلياً على رسوله وآله وصحبه: إني قد أجزت الشيخ العلامة أبا الفضل عبد الحق بن الشيخ
العلامة محمد فضل الله المحمدي الهندي كثر الله فوائده بمنه وكرمه ونفع بمعارفه ما اشتمل عليه هذا
الثبت الذي جمعته وسميته اتحاف الأكابر باسناد الدفاتر فليرو عني ما اشتمل عليه من كتب الإسلام
على اختلاف أنواعها كما يراه فيه وهو أهل لما هنالك ولم أشترط عليه شرطاً فهو أجل من ذلك
وأعلى وأخذت عليه أن يصلني بالدعوة المستقبلة في حياتي وبعد مماتي، حررته يوم الجمعة