من ميزان الصرف تبركاً على العلامة عبد
العلي بن نظام الدين اللكهنوي ثم قرأ النحو والصرف على جعفر حسين المدراسي وقرأ المنطق
والحكمة وبعض الفنون الرياضية على والده محمد غوث وقرأ مسلم الثبوت والهداية في الفقه الحنفي
وحاشية مير زاهد على شرح المواقف والنفيسي في الطب على الشيخ علاء الدين بن أنوار الحق
اللكهنوي وقرأ مقدمة الجزري في التجويد على السيد علي بن عبد الله الحموي وأخذ الطريقة
النقشبندية عن السيد عبد الغفار النقشبندي، وولي الصدارة بناكور سنة ثمان وثلاثين وولي الإفتاء بعد
سنة وولي القضاء سنة ستين وسافر إلى الحرمين الشريفين سنة ست وستين فحج وزار وأخذ
الطريقة عن الشيخ محمد جان، ولما انقرضت الدولة الاسلامية عن مدراس رتب له الانكليز معاشاً
فلازم بيته وقصر همته على الدرس والإفادة.
ومن مصنفاته هداية السالك إلى موطأ إمام مالك ونور العينين في مناقب الحسنين والأربعين في
معجزات سيد المرسلين ورشق السهام إلى من ضعف كل مسكر حرام وإزالة القتمة في اختلاف الأمة
وعمدة الرائض في فن الفرائض والمطالع البدرية في شرح الكواكب الدرية ومناهج الرشاد شرح
زواجر الارشاد، وله ذيل على القول المسدد في الذب عن مسند الامام أحمد، وفهرس أحاديث المعجم
الصغير وله تعليقات شتى على حاشية شرح المواقف وعلى صحيح مسلم والمنتقي لابن الجارود
وسنن الترمذي وشمائل الترمذي وله رسائل أخرى.
مات يوم الاثنين لخمس بقين من محرم سنة ثمانين ومائتين وألف، كما في تاريخ أحمدي.
المفتي صدر الدين الدهلوي
الشيخ العالم الكبير العلامة المفتي صدر الدين بن لطف الله الكشميري ثم الدهلوي أحد العلماء
المشهورين في الهند، ولد سنة أربع ومائتين وألف بدهلي ونشأ بها وأخذ العلوم الحكمية بأنواعها عن
الشيخ فضل إمام الخير آبادي وأخذ الفقه والأصول وغيرها من العلوم الشرعية عن الشيخ رفيع
الدين بن ولي الله الدهلوي وكان يتردد في أثناء التحصيل إلى الشيخ الأجل عبد العزيز بن ولي الله
ويستفيد منه، ولما مات الشيخ عبد العزيز أسند الحديث عن الشيخ إسحاق بن أفضل العمري سبط
الشيخ المذكور وتولى الصدارة مدة طويلة بدار الملك دهلي.
وكان نادرة دهره في كل علم لا سيما الفنون الأدبية، إذا سئل في فن من الفنون ظن الرائي والسامع
أنه لا يعرف غير ذلك الفن وحكم أن أحداً لا يعرف مثله، ولذلك ترى العلماء يحسبونه علماً مفرداً
في العلم، والشعراء يزعمون أنه حامل لواء الشعر والأمراء يرجعون إليه في كل أمر، وكان في
رفاهة وعيش رغيد إلى سنة ثلاث وسبعين، فلما ثارت الفتنة العظيمة بالهند ثم غلبت الحكومة
الانكليزية على الخارجين عليها اتهموه بافتاء البغي والخروج فأخذوه ونهبوا أمواله ثم أطلقوه فلازم
بيته وقصر همته على الدرس والافادة، وكان يوظف خمساً وعشرين نفساً من طلبة العلم في مدرسة
دار البقاء عقيب الجامع الكبير بدهلي ويحسن إليهم كافة ويضيفهم ويجالسهم ويقرئهم في علوم
متعددة.
ومن مصنفاته: منتهى المقال في شرح حديث: لا تشد الرحال ومنها الدر المنضود في حكم امرأة
المفقود والفتاوي الكثيرة، ومن شعره قوله بالعربية:
وكنا كغصني بائة قد تأنقا على دوحة حتى استطالا وأينعا
يغنيهما صدح الحمام مرجعا ويسقيهما كأس السحاب مترعا
سليمين من خطب الزمان إذا سطا خليين من قول الحسود إذا سعا
ففارقني من غير ذنب جنيته وألقى بقلبي حرقة وتوجعا
عفى الله عنه ما جناه فإنني حفظت له العهد القديم وضيعا
توفي سنة خمس وثمانين ومائتين وألف بدهلي فدفن بها وله إحدى وثمانون سنة.