حتى صار بارعاً في الفقه والحديث والسير والتصوف
والشعر وغيرها، وانتفع به جمع كثير من المشايخ والعلماء، وكان صاحب أحوال عجيبة ووقائع
غريبة، له شأن عال في التصوف والسلوك.
مات لثمان بقين من رجب سنة تسع عشرة ومائتين وألف، كما في حدائق الحنفية.
القاضي أحمد بن مصطفى الكوباموي
الشيخ العالم الفقيه أحمد بن مصطفى بن خير الدين بن خير الله العمري الكوباموي القاضي أحمد
مجتبي المشهور بمصطفى علي خان كان من العلماء المبرزين في المنطق والحكمة والشعر، ولد
ونشأ بكوبامؤ، وقرأ العلم على رحيم الدين الكوباموي وغلام طيب البهاري والعلامة حيدر علي بن
حمد الله السنديلوي، وحفظ القرآن في ريعان شبابه، ثم سافر إلى مدراس سنة مائتين وألف، فلقبه
والاجاه باسم والده مولوي مصطفى علي خان بهادر وولاه التدريس بمدرسته التي كانت في كوبامؤ
فرجع إلى بلدته ودرس بها مدة، ثم سافر إلى مدراس سنة إحدى عشرة مائتين، وسكن بها زماناً
قليلاً، ثم رجع إلى كوبامؤ، وسافر إلى مدراس مرة ثالثة سنة ست عشرة ومائتين، فولي القضاء ببلدة
ترجنابلي فاستقل به زماناً صالحاً، ولما توفي قاضي القضاة محمد مستعد خان المدراسي قام مقامه في
القضاء الأكبر واستقل به مدة حياته.
وكان عالماً صالحاً ديناً متواضعاً، حسن الأخلاق، حسن المحاضرة كثير المحفوظ في الشعر
والأدب، شاعراً، له ديوان الشعر الفارسي في مجلد، وله قصائد بالعربية، ومن شعره قوله:
تغيرت المودة في الرجال وشاع الحقد في أهل الكمال
قد انهدمت بأمطار الرزايا مقاصير المروة والنوال
وإن في الدهر ذو شرف ومجد سوى محكوم ربات الحجال
فليس الآن يا نفس اكتساب يعاون ما عدا شد الرحال
وله:
أتقتلني بحبك يا حذام ومثلي لا تعنف بالكلام
أما تدري بآبائي وربي أولئك أهل مجد واحترام
صوارمهم حتوف للأعادي أياديهم حياة المستهام
ولاة في بلاد العز جما حماة للجناة عن الغرام
وله:
جنى دهر علي، وأي خان رجوت الرفق منه وقد أذاني
وبعدني عن الأتراب بعدا وبالغ في هواني وازدراني
ولفظني بأرض ليس فيها قريب أو أنيس أو وزاني
وما لاقيت من اثنين إلا وكل منهما يتحاسدان
وله:
ظلمت وكنت من الظالمينا برحم يا ولي المؤمنينا
أضعت العمر في كسب الخطايا وصرت بما اكتسبت به رهينا
أطعت النفس حيناً بعد حين وإن النفس شر الحاكمينا
أنخت النوق في بيداء غي ولم أسمع لوعظ الواعظينا
فإن جازيتني شراً بشر فعدل منك رب العالمينا