عليه ناظر العدلية الأقضية فيحكم

بما ألقى الله سبحانه في روعه ثم كان يطلب الناظر المذكور بالديوان الخاص أيضاً فيعرض عليه

المتظلمين فيستنطق المتخاصمين بحضرته ويتأمل في الأقضية ويحكم بما أراه الله سبحانه وربما

يدعوهم بين الظهر والعصر أيضاً ولا يكل من ذلك أبداً، وهو أول من وضع الوكالة الشرعية في

دور القضاء فولى رجالاً من أهل الدين والأمانة في دور القضاء بكل بلدة وعمالة ليكونوا وكلاء عنه

فيما يستغاث عليه في الحقوق الشرعية والديون الواجبة عليه وأجاز للناس أن يستغيثوا عليه عند

القاضي، وهو أول من نصب المحتسبين في بلاده وامتاز في الملوك التيمورية في ذلك.

وقد جمع سيرته

كثير من الأخباريين في كتبهم منهم بختاور خان العالمكيري فإنه أورد شيئاً واسعاً من أخباره في

كتابه المشهور مرآة العالم، ومحمد كاظم بن محمد أمين الشيرازي في عالمكير نامه وهو مقتصر على

عشر سنين من ولايته، وألف مستعد خان كتابه مآثر عالمكيري في مآثره الجميلة، وعاقل خان

الرازي وخافي خان في منتخب اللباب والطباطبائي في سير المتأخرين وغيره في مناقب عالمكيري

وأطال الكلام في مناقبه ونسخة منه موجودة في المكتبة الحامدية برامبور، والشيخ محمد بقاء

السهارنبوري صنف كتاباً حافلاً في سيرته وسماه تاريخ عالمكيري صرح به المؤلف في كتابه مرآة

جهان نما.

قال المحبي في خلاصة الأثر:

ولما أراد الله تعالى بالهند خيراً وإحساناً وقدر ظهور العدل فيهم كرماً وامتناناً أظهر في خافقها

شموس السلطنة بلا ريب وأنار في سماء سلطنتها أنوار بدور الملك السلطان أورنك زيب وطوى

بساط إخوته ونتف جللهم ومزق وحرق بنار المظلومين لباسهم وخرق، وقتل أخاه دارا شكوه واقتلعه

هو وأصحابه وكان دارا شكوه ذا ذوق وفطنة بهيئة وصفات مستحسنة إلا أنه في آخر عمره صارت

سيرته مذمومة وأحدث مظالم كثيرة، وقتل أخاه الثاني مراد بخش وفر محمد شجاع أخوه الثالث ولم

يعرف أين ذهب، وأورنك زيب ممن يوصف بالملك العادل الزاهد وبلغ من الزهد مبلغاً أناف فيه

على ابن أدهم فإنه مع سعة سلطانه يأكل في شهر رمضان رغيفاً من خبز الشعير من كسب يمينه

ويصلي بالناس التراويح، وله نعم بارة وخيرات دارة جداًن وأمر من حين ولي السلطنة برفع

المكوس والمظالم عن المسلمين ونصب الجزية بعد أن لم تكن على الكفار، وتم له ذلك مع أنه لم يتم

لأحمد من أسلافه، أخذ الجزية منهم لكثرتهم وتغلبهم على إقليم الهند، وأقام بها دولة العلم وبالغ في

تعظيم أهله وعظمت شوكته وفتح الفتوحات العظيمة، وهو مع كثرة أعدائه وقوتهم غير مبال بهم

مشتغل بالعبادات، وليس له في عصره من الملوك نظير في حسن السيرة والخوف من الله تعالى

والقيام بنصرة الدين، انتهى.

وقال المرادي في سلك الدرر

السلطان المشهور سلطان الهند في عصرنا وأمير المؤمنين وإمامهم وركن المسلمين ونظامهم

المجاهد في سبيل الله العالم العلامة الصوفي العارف بالله الملك القائم بنصرة الدين، الذي أباد الكفار

في أرضه وقبرهم وهدم كنائسهم وأضعف شركهم، وأيد الإسلام وأعلى في الهند مناره وجعل كلمة

الله هي العليا وقام بنصرة الدين، وأخذ الجزية من كفار الهند ولم يأخذه منهم ملك قبله لقوتهم

وكثرتهم، وفتح الفتوحات العظيمة ولم يزل يغزوهم وكلما قصد بلداً ملكها، إلى أن نقله الله إلى دار

كرامته وهو في الجهاد، وصرف أوقاته للقيام بمصالح الدين وخدمة رب العالمين من الصيام والقيام

والرياضة التي لا يتيسر بعضها لآحاد الناس فضلاً عنه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وكان موزعاً

لأوقاته فوقت للعبادة ووقت للتدريس ووقت لمصالح العسكر ووقت للشكاة ووقت لقراءة الكتب

والأخبار الواردة عليه كل يوم وليلة من مملكته لا يخلط شيئاً بشيء، والحاصل أنه كان حسنة من

حسنات الزمان ليس له نظير في نظام سلطنته ولا مدان، وقد ألفت في سلطنته وحسن سيرته الكتب

الطويلة بالفارسية وغيرها فمن أرادها فليطلع عليها، مولده سنة ثمان وعشرين وألف وجاء تاريخه

بالفارسية آفتاب عالمتاب وربى في حجر والده واشتغل بحفظ القرآن من صغره حتى حفظه وجوده

واشتغل بالخط حتى كتب الخط المنسوب يضرب بحسنه المثل وكتب مصحفاً بخطه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015