العام والخاص على أول النهار ويترك الجلوس
بعد العصر فكان يشتغل سائر أوقاته بالعبادة.
وكان يجلس للمذاكرة في الكتب الدينية كالاحياء والكيمياء والفتاوي الهندية وغيرها في كل أسبوع
ثلاثة أيام على السيد محمد الحسيني القنوجي والعلامة محمد شفيع اليزدي ونظام الدين البرهانبوري
وغيرهم من العلماء.
ومن مآثره الجميلة:
ومن مآثره الجميلة أنه حفظ القرآن الكريم بعد جلوسه على سرير الملك فأرخ بعض العلماء لبدء
حفظه من قوله تعالى "سنقرئك فلا تنسى" ولتمامه من قوله لوح محفوظ.
ومنها أنه كانت له معرفة بالحديث، له كتاب الأربعين جمع فيه أربعين حديثاً من قول النبي صلى
الله عليه وسلم قبل أن يتولى المملكة وله كتاب آخر جمع فيه أربعين حديثاً بعد الولاية وترجمهما
بالفارسية وعلق عليهما الفوائد النفيسة.
ومنها أنه كانت له مهارة تامة بالفقه ويضرب به المثل في استحضار المسائل الجرئية، وقد صنف
العلماء بأمره الفتاوي الهندية في ستة مجلدات كبار فاشتهرت في الأقطار الحجازية والمصرية
والشامية والرومية وعم النفع بها وصارت مرجعاً للمفتين وأنفق على جمعها مائتي ألف من النقود.
ومنها أنه كان بارعاً في الخط يكتب النسخ والنستعليق وشكسته بغاية الجودة والحلاوة، كتب مصحفاً
بيده قبل جلوسه على السرير، وبعثه إلى مكة المباركة، وبعد جلوسه مصحفاً آخر وأنفق على
التذهيب والتجليد سبعة آلاف ربية ثم بعثها إلى المدينة المنورة، وكان انتسخ الألفية لابن مالك في
صباه فأرسل إلى مكة بيد الحاج عبد الرحمن المفتي لينتفع بها الناس من أهل البلدة المباركة
ومنها أنه كان ماهراً بالايقاع والنغم ولكنه كان يحترز من استماع الغناء تورعاً، قال مكرم خان
الصفوي: سألته يوماً عن الغناء، فقال: لأهله مباح، فقلت له: إني لا أعلم أحداً يتأهل له غيركم،
فقال: إن الغناء بالمزامير لا سيما بالبكهاوج حرام بالاتفاق فاذن لا أرغب إلى الغناء بغيرها.
ومنها أنه كان ماهراً بالانشاء والترسل لم يكن له نظير في زمانه في ذلك، وقد جمع شيئاً كثيراً منها
أبو الفتح قابل خان التتوي في آداب عالمكيري وعناية الله خان في الكلمات الطيبات والرقائم الكرائم
وبعضهم في دستور العمل، وأما الشعر فإنه كان مقتدراً عليه ولكنه كان لا يعتني به ويمنع الناس أن
يضيعوا أوقاتهم في الشعر لقوله تعالى "الشعراء يتبعهم الغاؤون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون"، ولله
در الشافعي رحمه الله:
ولولا الشعر بالعلماء يزري لكنت اليوم أشعر من لبيد
ومن شعره قوله:
غم عالم فراوان است ومن يك غنجه دل دارم جسان در شيشة ساعت كنم ريك بيابان را
ومنها أنه كان ماهراً بالرمي والطعن والضرب والفروسية وغيرها من الفنون الحربية والتصيد،
كان شجاعاً مقداماً باسلاً لا يظهر له في الهيجاء فزع ولا جزع ولا طيش ولا خفة ولا وجل ولا
خطل بل من رآه ظن أنه جاء من بعض المتنزهات وهو قد خرج من معركة تطير لها العقول
وتشيب لها الولدان وترجف منها الأفئدة وتخرس الألسن.
وإنك تقرأ في كتب الأخبار أن والده شاهجهان كان يوماً يتفرج في البرج المشرف على نهر جمن
على مصارعة الأفيال التي كانت في عرصة القلعة فيما بينها وبين النهر والأفواج كانت قائمة بين
ظهرانيها وخلق كثير يتفرجون عليها في تلك العرصة وكان عالمكير أيضاً في ذلك الزحام وهو يومئذ
في الرابع عشر من سنه وكان على فرس جرى العادة فإذا هي بفيلة قد ثارت وقصدت الأفواج ففر
الناس كلهم من بين يديها إلا عالمكير فإنه ثبت على مقامه فتوجهت إليه الفيلة ولفت فرسه بخرطومها
وصرع عالمكير من صهوة الفرس ثم قام وسل السيف عليها ثم جاء الناس ودفعوها بالضرب
والطعن وإيقاد النار وغير ذلك، وهذه مفخرة عظيمة في