محمد درويش الحسيني الجونبوري، كان أصغر

أبناء والده ونشأ بجونبور، واشتغل بالعلم على محمد أمين تلميذ والده وقرأ عليه العربية، ثم سافر إلى

إله آباد وقرأ على من بها من العلماء، ثم سافر إلى دهلي وتقرب إلى الملوك والأمراء وولي الإفتاء

ببلدته، فرجع إلى جونبور ودرس وأفاد بها مدة عمره، أخذ عنه غير واحد من العلماء.

توفي لعشر بقين من رمضان سنة ثمان وتسعين وألف، كما في تجلي نور.

الشيخ مبارك بن خضر الناكوري

الشيخ الفاضل العلامة مبارك بن خضر الناكوري، أحد العلماء المشهورين بأرض الهند، ولد سنة

إحدى عشرة وتسعمائة بمدينة ناكور وسافر للعلم إلى كجرات فاشتغل بها على الخطيب أبي الفضل

الكاذروني ومولانا عماد الدين محمد الطارمي وعلى غيرهما من العلماء، وجد في البحث والاشتغال

حتى برز في الفضائل وتأهل للفتوى والتدريس.

وكان مفرط الذكاء يحضر المجالس والمحافل في صغره فيتكلم ويناظر ويفحم الكبار ويأتي بما

يتحير به أعيان العلم، دخل أكبر آباد سنة خمسين وتسعمائة وتصدر بها للدرس والإفادة، وقد انتهت

إليه الإمامة في العلم والعمل والزهد والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يستطيع أحد

من الأمراء أن يحضر في مجلس تذكيره وعليه ملابس حمراء أو من الحرير أو في يده خواتم الذهب

أو إزاره مسبل، وكان في ذلك الزمان شديد النكير على السماع حتى إذا قرع صماخه في أثناء

الطريق صوت الغناء ينزجر عنه ويثب إلى غير ذلك المكان، ثم رغب إلى السماع في آخر أمره

قلما يخلو عنه وربما لا يستريح بدون الغناء والمزامير.

قال صاحبه عبد القادر بن ملوك شاه البدايوني في تاريخه: إنه كان ذا أطوار مختلفة، لحق بالمهدوية

وصحب الشيخ علاء بن الحسن البيانوي مدة مديدة، فلما شاعت الطريقة النقشبندية في أوائل عهد

أكبر شاه صار يقتفي آثار تلك الطائفة العلية، وكان ينتسب إلى المشايخ الهمدانية، ولما رأى أن أهل

إيران غلبوا ونالوا في الدولة أعز منال صرف إليهم عنان العزيمة، وهلم جرا.

قال: وكان عالماً كبيراً بارعاً في الفقه وأصوله، عارفاً بدقائق العربية، ماهراً بالتصوف والشعر

واللغز وفنون أخرى، وكان يقرأ القرآن بالقراءات العشر ويدرس الشاطبي، وكان كثير المطالعة دائم

الاشتغال بالدرس والإفادة سريع الإدراك قوي الحفظ لم يكن شيئاً فينساه، ولما ضعف بصره لكبر

سنه وعجز عن المطالعة اشتغل بتفسير القرآن وصنف تفسيراً كبيراً في أربع مجلدات كبار سماه

منبع نفائس العيون، واظب في آخر عمره على التائية لابن الفارض، وقصيدة البردة للبوصيري،

وقصيدة كعب بن زهير، وقصائد أخرى كانت محفوظة له فيقرأها كل يوم عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015