والربانية من الرضا في الطاعات والجود عند العطيات، أما القولي منه سبحانه بأن حمد نفسه في
كتبه لأنبيائه أني منزه عن النقائص، والفعلي منه سبحانه بأن يسلم أفعاله من الشر المحض "وعسى
أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم"، والحالي منه سبحانه بأن يظهر
في الكل من الممكنات بالكل من المحامد والخيرات، وأما عند أهل المعرفة الذي سفره وسيره من
نفسه إلى ربه فأيضاً ستة أقسام، وتعريف الحمد عندهم ظهور الكمالات لله تعالى، فهو قولي وفعلي
وحالي، فأما القولي من العبد فبأن يعلم عند المنطق أي نطق كان من النفس أو من غيره أن هذه
كمالات ظاهرة من الحق بصفة الكلام بعلم اليقين، وأما الفعلي منه فبأن يتمكن عن نفسه بحركات كل
عضو من أعضائه عند التصرف والتصريف أي فعل كان سواء من نفسه أو من غيره أن هذه
كمالات ظاهرة بحواس السالك وبجوارحه بحسب قرب النوافل بعين اليقين، كما ورد في الصحيح:
بي يسمع وبي يبصر وبي ينطق، الحديث، وأما الحالي منه فبأن يتحول عن نفسه بالكلية وبكل
التصرف إلى ربه بأن يتصرف بجميع حواسه وقواه وجوارحه بحسب قرب الفرائض بحق اليقين
كقوله، تعالى "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وأما القولي من الله سبحانه فبأن يظهر كمالاته
الوجودية عن نفسه ويقول والأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم وأما الفعلي منه
فبأن ينسب إليه كل فعل والله خلقكم وما تعملون ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون
من نسبة الفعل إلى الغير، وأما الحالي منه سبحانه فبأن يلتذ بكل لذة يجدها الممكن بظهوره في مرتبة
التفرقة، ولعلك تقول، إن الحق منزه واللذة من لوازم الممكنات المحدثات فكيف يضاف إليه؟ فجوابه
الشافي أنه من المتشابهات ستقف عليه قريباً في أول التبصرة إن شاء الله تعالى، ولعلك لا تجد أحداً
سبق لبيان هذه الأقسام الستة الأخيرة عبارة وإن سبق وجداناً وإشارة.
وههنا سر آخر
كما لا يجوز كشفه لا يجوز كتمه من أهله، وهو أن في الحمد القولي والفعلي والحالي معنى آخر،
أما في القولي فبأن ينطق العارف الخليفة بكل من يتكلم بالكلام الأزلي وغيره، وفي الفعلي بأن يفعل
ويسمع ويبصر بكل من يفعل ويسمع ويبصر، وفي الحالي بأن يتلذذ بكل من يتلذذ من اللذات
الملائمة للطبع، ولعله لم يسبق ببيان هذه الأقسام الثلاثة من الحمد أيضاً أحد قبلي أو سبق ولم يبلغ
لنا، والله أعلم.
هذا قليل من كثير إفاداته التي لا يحتملها هذا المختصر، وكانت وفاته في الرابع عشر من شوال
سنة إحدى وثلاثين وألف بمدينة برهانبور، وقبره ظاهر مشهور.
المفتي عيسى بن آدم الكوباموي
الشيخ العالم الفقيه المفتي عيسى بن آدم بن محمد بن خواجه بن شيخ بن آدم ابن محمد بن أحمد،
الصديقي الشهابي الكوباموي، كان سبط الشيخ نظام الدين إله ديه الخيرآبادي، ولد في سنة ستين
وتسعمائة بكوبامؤ، وقرأ العلم على أبيه آدم وعلى الشيخ نظام الدين العثماني الأميتهوي، وولي الافتاء
بكوبامؤ بعد ما توفي أبوه، وتزوج بابنة الشيخ جعفر بن نظام الدين الأميتهوي، وأعقب منها ثلاثة
أبناء أعلمهم المفتي وجيه الدين، توفي لليلة بقيت من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وألف.
الشيخ عيسى بن مخدوم الخير آبادي
الشيخ العالم الصالح عيسى بن مخدوم بن أبي الفتح بن نظام الدين الحسيني الرضوي الخيرآبادي،
أحد رجال الفضل والصلاح، ولد ونشأ بخيرآباد، وسافر للعلم إلى بنير بضم الموحدة، فقرأ بها على
أساتذة عصره، ثم رجع إلى بلده وتولى الشياخة بها مكان جده أبي الفتح، أخذ عنه ابن أخته محمد
أمين وخلق آخرون.
القاضي عيسى بن أبي الفتح الأكبرآبادي
الشيخ العالم الفقيه القاضي عيسى بن أبي الفتح بن عبد الغفور بن شرف الدين العمري التهانيسري
ثم الأكبرآبادي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول، ولد ونشأ بأكبرآباد، وتفقه على والده،
وولي القضاء سنة ثمان عشرة وألف في أيام