السلطان، فأمر أبا
الفيض بن المبارك الناكوري بنقله إلى الفارسية، ثم أمر الحاج إبراهيم السرهندي لذلك حتى تم
الكتاب، ولكنه بقيت خبايا في الزوايا.
ثم أمره بنقل مهابهارت أحد الكتب التاريخية للهنادك، وهو في زعمهم كتاب مقدس مشتمل على
أنواع القصص والمواعظ والمصالح والأخلاق والآداب وتدبير المعاش، وفيه بيان المذاهب وطريق
العبادة وغيرها من الأمور النظرية والعملية، أسست تلك المباحث على حرب عظيمة دارت بين
كوران وبندوان طائفتين من ملوك الهند، ومهابهارت مركب من لفظين في لغتهم: مها عبارة عن
العظيم، وبهارت عبارة عن الحرب، فجمع أكبر شاه السلطان طائفة من أحبار الهنادك وأمرهم
بتعبيرها في اللغة المروجة ليعبرها البدايوني مشاركاً لغياث الدين القزويني في الفارسية، فلما تم ذلك
الكتاب سماه السلطان رزمنامه.
ثم أمره بنقل رامائن أحد الكتب السابقة على مهابهارت، وفيه خمسة آلاف وعشرون أشلوكاً وكل
أشلوك منها يشتمل على خمسة وستين حرفاً، فنقله إلى الفارسية في أربعة أعوام، وفرغ من تصنيفه
سنة سبع وتسعين وتسعمائة.
ثم أمره أن ينتخب الجامع الرشيدي وهو كتاب مفيد في تراجم الخلفاء العباسية في بغداد وبقيتهم في
مصر والخلفاء الأموية إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومنه إلى آدم عليه السلام بالبسط
والتفصيل، فلخصه ونقله من العربية إلى الفارسية.
ثم أمره أن يكمل بحر الأسماء الذي صنف بأمر السلطان زين العابدين الكشميري، وهو كتاب مؤلف
في القصص الهندية وقد بقي طرف من القصص المفيدة، فألفه البدايوني في ستين كراسة وجعله
المجلد الثاني من ذلك الكتاب، وقد فرغ من تصنيفه في خمسة أشهر.
ثم أمره أن يلخص تاريخ كشمير الذي ألفه مولانا شاه محمد الشاه آبادي، فانتخبه في شهرين بعبارة
رائقة.
ثم أمره بترجمة معجم البلدان من العربية إلى الفارسية، فقسم أجزاءه على اثني عشر رجلاً من أهل
العلم، فناول البدايوني منها عشرة أجزاء فكتبها بالفارسية في شهر واحد.
ومن تلك المصنفات التاريخ الألفي أمر السلطان بتصنيفه خاصة، واصطفى منهم سبعة رجال منهم
عبد القادر البدايوني ليكتب كل واحد في أسبوع أخبار سنة، فامتثلوا أمره حتى حررت من ذلك أخبار
خمس وثلاثين سنة.
ومن مصنفات البدايوني الأربعون في فضل الجهاد في سبيل الله.
ومنها نجاة الرشيد في الكبائر والصغائر من المعاصي وآفات النفوس صنفه سنة تسع وتسعين
وتسعمائة.
ومنها منتخب التواريخ وهو أحسن مؤلفاته، رتبه على ثلاثة مجلدات: الأول في تراجم ملوك الهند
من سبكتكين إلى همايون وهو ما بين الإيجاز والإطناب، والثاني في أخبار أكبر شاه السلطان من بدء
جلوسه على سرير الملك إلى سنة أربعين، والثالث في ذكر من عاصره من المشايخ والعلماء
والأطباء والشعراء، فرغ من تصنيفه يوم الجمعة الثالث والعشرين من جمادي الآخرة سنة أربع بعد
الألف، وكتابه هذا مما لا نظير له في صحة الرواية، نقد فيها أخلاق الناس بعين البصيرة فنقد الغش
من الخالص، وذكر المناقب والمعايب، وما قصر في انتقاد الرجال حتى أنه لم يبال بصاحبه أكبر
شاه، وكشف القناع عن حسنه وقبحه وخيره وشره وصوابه وخطائه وعدله وظلمه كأنه متحنط لا
يبالي بموته.
توفي في سنة أربع بعد الألف وله سبع وخمسون سنة، كما في دربار أكبري.
الشيخ عبد القادر البخاري الأكبر آبادي
الشيخ الفاضل الكبير عبد القادر البخاري الأكبر آبادي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، كان يدرس ويفيد بمدينة أكبر آباد، وكان من المشايخ القادرية الأعظمية، أخذ عنه خلق
كثير من