معصوم بن الشيخ أحمد العمري الحنفي السرهندي، كان خامس أبناء والده، ولد بسرهند سنة تسع

وأربعين وألف، ونشأ في مهد العلم والطريقة وتصدر للإرشاد، واختار للإقامة بلدة دهلي بأمر والده

الماجد بعد ما صدرت بها إشارة غيبية، فصار هناك مرجعاً للطالبين ومجمعاً للسالكين، وأخذ عنه

السلطان أورنك زيب عالمكير الغازي.

وكان على قدم والده في الاستقامة على الشريعة والطريقة، وله جذب قوي وتصرف عال بحيث كان

الناس يضطربون من قوة توجهاته ويبقون بلا اختيار في يده، قال الشيخ مراد بن عبد الله القزاني في

ذيل الرشحات وكان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على رتبة لم يكن عليها شيخ من المشايخ

مثله حتى كادت البدع ترتفع عن بلاد الهند في زمنه وتستأصل، ولذلك لقبه والده بمحتسب الأمة،

ودعاه السلطان مرة إلى قصره فأجابه اتباعاً للسنة ولما رأى في جدار القلعة صوراً منحوتة في

الأحجار توقف عن الدخول في القلعة، فأمر السلطان بكسرها فكسروها بأسرها ثم دخل فيها.

وقال: وكانت لمولانا سيف الدين قدس سره شوكة ظاهرة أيضاً حتى كان السلاطين والأمراء

يقومون على أرجلهم بالأدب التام بيني ديه ولا يتجاسرون القعود أمامه، وكان يلبس ألبسة فاخرة،

وقع مرة على قلب بعض أن له كبراً فأشرف عليه وقال: كبرى من ظل كبرياء الحق عز وجل،

وكان يأكل من مطبخه كل يوم أربعمائة رجل وألف رجل مرتين مما يوافق طبعه وترغب فيه نفسه،

انتهى.

توفي لعشر بقين من جمادي الأولى سنة ست وتسعين وألف في أيام عالمكير، وقد أرخ لوفاته بعض

أصحابه من قوله هي هي ستون دين افتاد، وكان عمره يوم وفاته سبعاً وأربعين سنة، قبره بسرهند

يزار، كما في الهدية الأحمدية.

الشيخ سيف الله الجوراسي

الشيخ العالم الكبير سيف الله الجوراسي، كان من ذرية الشيخ زين الدين بن رجب الشيخ الكبير

نصير الدين محمود الأودي، ولد ونشأ بجوراس قرية من أعمال أميتهي، وقرأ العلم على المفتي عبد

السلام الأعظمي الديوي صاحب المصنفات المشهورة وعلى الشيخ جمال أولياء الجشتي الكوزوي، ثم

تصدى للدرس والإفادة، أخذ عنه خلق كثير، كما في بحر زخار.

ستي خانم

أخت طالب الآملي وزوجة الحكيم نصير الدين الكاشي، كانت فصيحة بليغة بارعة في القراءة

والتجويد وصناعة الطب وتدبير المنزل، استخدمتها أرجمند بانو صاحبة شاهجهان فتقربت إليها

بحسن تدبيرها فجعلتها معلمة لجهان آرابيكم، ولما توفيت أرجمند بانو ولاها السلطان الصدارة في

حريمه فاستقلت بها إلى مدة مديدة، توفيت سنة عشرين جلوسية فتأسف السلطان بموتها تأسفاً شديداً،

وأعطى عشرة آلاف من النقود الفضية للتجهيز والتكفين، ودفنها بأكبر آباد وبنى على قبرها عمارة

رفيعة وبذل عليها ثلاثين ألفاً، ثم وقف قرية تحصل منها ثلاثون ألفاً في كل سنة لمصارف تلك

المقبرة، كما في مآثر الأمراء..

سليمه سلطانه

بنت كل رخ بيكم بنت السلطان ظهير الدين بابر شاه الكوركاني الفاتح، واسم والدها مرزا نور الدين

محمد النقشبندي، ولدت سنة خمس وستين وتسعمائة وتزوج بها بيرم خان أكبر قواد الدولة التيمورية

بأمر أكبر شاه بمصالح كانت تقتضيها الضرورة، ولما توفي بيرم خان تزوج بها أكبر شاه المذكور،

ورحلت إلى الحجاز للحج والزيارة سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة مع خالتها كلبدن بيكم من طريق

كجرات، فحجت أربع مرات ثم رجعت إلى الهند، وغرق فلكها فأقامت بمدينة عدن سنة كاملة،

ودخلت الهند سنة تسعين وتسعمائة.

وكانت فاضلة شاعرة عفيفة صاحبة عقل ودين، لها أبيات رائقة بالفارسية، منها قولها:

كاكلت را من ز مستي رشتة جان كفته ام مست بودم زين سبب حرف بريشان كفته ام

توفيت سنة إحدى وعشرين وألف في أيام جهانكير ولها ستون سنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015