عظيماً في كل بقعة نزل فيها أو مر بها، وتقاطر الناس لاستقباله وزيارته، واحتفل به أهل

وطنه احتفالاً كبيراً، وكان قد أضناه الأسر، ووهنت قواه لمقاساته للأمراض ومعاناته للمشقة

والمجاهدة، ولكنه لم يستجم من عنائه، ولم يستقر في وطنه، بل قام بجولة في مدن الهند، وسافر إلى

علي كزه، ووضع حجر أساس الجامعة الملية الإسلامية، وألقى الخطب وأصدر الفتاوي، ودعا إلى

مقاطعة الحكومة الإنجليزية، ورجع إلى دهلي، واشتد به المرض والضعف، حتى وافاه الأجل في

الثامن عشر من ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة وألف في دهلي، ونقل جسده إلى ديو بند،

وصلى عليه جمع كبير، ودفن بجوار أستاذه الإمام قاسم النانوتوي.

كان مولانا محمود حسن آية باهرة في علو الهمة وبعد النظر، والأخذ بالعزيمة، وحب الجهاد في

سبيل الله، قد انتهت إليه الإمامة في العصر الأخير في البغض لأعداء الإسلام والشدة عليهم، مع

ورع وزهادة، وإقبال إلى الله بالقلب والقالب، والتواضع والإيثار على النفس، وترك التكلف، وشدة

التقشف، والانتصار للدين والحق، وقيام في حق الله، وكان دائم الابتهال، قوي التوكل ثابت الجأش،

سليم الصدر، جيد التفقه، جيد المشاركة في جميع العلوم العقلية والنقلية، مطلعاً على التاريخ كثير

المحفوظ في الشعر والأدب، صاحب قريحة في النظم، واضح الصوت، موجز الكلام في إفصاح

وبيان، تمتاز دروسه بالوجازة والدقة، والاقتصار على اللب، كثير الأدب مع المحدثين والأئمة

المجتهدين، لطيفاً في الرد والمناقشة، كان قصير القامة، نحيف الجثة، أسمر اللون، كث اللحية في

توسط، غير متكلف في اللباس، عامته من الكرباس الثخين، وقور في المشي والكلام، تلوح على

محياه أمارات التواضع والهم، وتشرق أنوار العبادة والمجاهدة، في وقار وهيبة مع بشر وانبساط مع

التلاميذ والإخوان.

وكان قليل الاشتغال بالتأليف بالنسبة إلى غزارة علمه وكثرة درسه، له تعليقات لطيفة على سنن أبي

داؤد، وجهد المقل في تنزيه المعز والمذل كتاب له بالأردو في مسألة إمكان الكذب وامتناعه، والأدلة

الكاملة في جوانب السؤالات العشرة للشيخ محمد حسين البتالوي، وإيضاح الأدلة في جواب مصباح

الأدلة لدفع الأدلة الأذلة للسيد محمد أحسن الأمروهي.

الحكيم محمود عالم السهسواني

الشيخ الفاضل محمود عالم بن إلهي بخش الحسيني السهسواني، أحد العلماء المبرزين في العلوم

الحكمية، ولد ونشأ بسهسوان، وسافر للعلم إلى رامبور فقرأ على العلامة عبد الحق بن فضل حق

الخير آبادي وعلى غيره من العلماء، وأخذ الصناعة الطبية عن الحكيم عبد العلي بن إبراهيم

اللكهنوي ولازمه مدة، وأخذ الحديث عن السيد محمد شاه بن حسن شاه الرامبوري، ثم رجع إلى بلدته

ودرس بها مدة طويلة، أخذ عنه غير واحد من العلماء.

مات في شهر رجب سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة وألف.

المولوي محمود عالم الرامبوري

الشيخ الفاضل محمود عالم الحنفي الرامبوري أحد كبار العلماء، ولد ونشأ برامبور، واشتغل أياماً

على أساتذة بلدته، ثم قدم لكهنؤ، وقرأ على مولانا تراب علي الحنفي اللكهنوي صاحب التعليق

المرضي وعلى غيره من العلماء، ثم تصدر للتدريس، وسار إلى البلاد المشرقية، فقرأ عليه خلق

كثير من العلماء، منهم الشيخ عبد العزيز بن أحمد الله الرحيم آبادي.

مات سنة اثنتين وثلاثمائة وألف.

مولانا محيي الدين الدهلوي

الشيخ العالم الصالح محيي الدين بن مؤيد الدين بن العلامة رشيد الدين الحنفي الكشميري الدهلوي،

أحد العلماء البارعين في الفقه والأصول والعربية، نشأ في ظل صنوه الكبير أمين الدين بحيدر آباد،

وقرأ العلم على أساتذة عصره، وخدم الدولة الآصفية بحيدر آباد مدة طويلة حتى ولي القضاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015