أودعتها قلبي وهن ظعائن والدمع في التسكاب والتسجام

وبدار آنسة وقفت وإنني أبكي على الأطلال كابن حزام

توفي لليلتين بقيتا من صفر سنة سبع عشرة وثلاثمائة وألف.

مولانا محمد نعيم اللكهنوي

الشيخ الفاضل الكبير محمد نعيم بن عبد الحكيم بن عبد الرب بن ملك العلماء بحر العلوم عبد العلي

محمد الأنصاري اللكهنوي، أحد كبار العلماء.

ولد ونشأ بلكهنؤ وحفظ القرآن، ثم اشتغل بالعلم على والده وتخرج عليه، ثم تصدر للتدريس فدرس

وأفاد مدة من الزمان ببلدته، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وأسند الحديث عن السيد

أحمد بن زين دحلان الشافعي المكي ومن في طبقته من المحدثين، ثم رجع إلى الهند واعتزل في بيته

مفيداً مدرساً، قرأت عليه هداية الفقه والسراجية وشرح العقائد للدواني ونخبة الفكر، وسمعت عنه

المسلسل بالأولية، وأجازني بمقرواءته ومسموعاته.

وكان عالماً كبيراً فقيهاً أصولياً، متكلماً ناصحاً مفيداً، مع البر والدين، والتودد والتواضع، والحلم

والأناة والاستقامة، وله أتم خبرة بأحوال الناس وما يليق لكل أحد منهم وما يناسبه وما لا يناسبه،

ومجالسته هي نزهة الأذهان والعقول بما لديه من الأخبار التي تنشف الأسماع.

وكان غاية في الزهد والقناعة، والتوكل على الله والتبتل إليه، والتسليم والرضا والصبر، ذا سخاء

وإيثار، يطعم الأضياف، ويعيش طلقاً ذا بشاشة للناس، لم يطلع أحد قط على فقره وفاقته، وكان يقنع

بقدر يسير يصل إليه من ولاة رامبور وكان لا يقبل النذور والفتوحات من عامة الناس، لا سيما عن

مريديه، وإنه رد ما يبلغ ثمنه خمساً وعشرين ألفاً من النقود الفضية الإنكليزية عرضتها عليه فضلو

بيكم، وأمرها أن يصرفها في الخيرات، لوجه شبهة في تلك الأموال، وكان حريصاً على جمع الكتب

النفيسة، يقبل هدايا الكتب، وإنه باع داره التي كانت على جسر فرنكي محل، واشترى بثمنها حاشية

الطحطاوي على الدر المختار بستين ربية.

وإني ما رأيت أصبر منه على البلاء، مات ابنه الوحيد مولانا محمد أكرم، وكنت حينئذ في بهوبال

فلما نعيت به حضرت لديه للتعزية، فلقيني طلقاً ذا بشاشة على دأبه وقال: إن أم عيالي ربما تضجر

عن صنك العيش فتشكوا إلي فكنت أسليها وأقول لها: إن المولوي محمد أكرم سيسافر للاسترزاق،

فيفتح الله سبحانه على أبواب الرزق، ولما كان فيه مظنة الاعتماد على غير الله قطعه الله بفضله

ومنه، قال ذلك ورأيت على وجهه الكريم ملامح الامتنان، فعجبت من ذلك.

توفي إلى رحمة الله سبحانه لتسع بقين من ربيع الثاني سنة ثمان عشرة وثلاثمائة بلكهنؤ.

العلامة محمد نواب الخالصبوري

الشيخ الفاضل الكبير العلامة محمد نواب بن سعد الله بن عبيد الله الحنفي الأفغاني الخالصبوري،

أحد الأفاضل المشهورين في الهند.

ولد ونشأ بأفغانستان، ودخل الهند في شبابه، فلازم العلامة فضل حق ابن فضل إمام العمري الخير

آبادي، وقرأ عليه جميع الكتب الدرسية عقلياً كان أو نقلياً، وقرأ الكتب الطبية على الحكيم إمام الدين

الدهلوي، ثم أخذ الطريقة النقشبندية عن الشيخ أحمد سعيد العمري الدهلوي، ثم قدم لكهنؤ وتزوج

بخالصبور في إحدى العائلات الكريمة، وتطبب على مسيح الدولة الحكيم حسن علي بن مرزا علي

الشيعي اللكهنوي، وكان يدرس العلوم الآلية والعالية بغاية التحقيق والتدقيق، درس مدة من الزمان

بلكهنؤ، ثم سافر إلى بهوبال وأقام به سنتين، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وسكن بمكة

المباركة.

وكان مفرط الذكاء جيد القريحة، سريع الإدراك قوي الحفظ معدوم النظير في زمانه، رأساً في الفقه

والأصول، وله يد بيضاء في المنطق والحكمة والطب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015