وأمّا سيدي علي الوحيشي إبن سيدي سعيد الوحيشي فإنه أقام بالقيروان ما شاء الله، وتروّج بها، وكان يكثر التّردّد على صفاقس، وكان / منجمعا عن (?) النّاس لا يحبّ ملاقاة الأمراء بل محبّا للخلوة ودرس (?) العلم وسماع القرآن، وإذا سمع بالسّلطان أتى للقيروان يخرج كلّ يوم لظاهر البلد صبحا ولا يرجع إلاّ ليلا. ولمّا وقعت فتنة (?) الباشا وسيدي حسين - رحمه الله - وعمل أهل القيروان على غلق الأبواب خرج شيخنا سيدي عبد الله السّوسي لتونس، وخرج سيدي علي الوحيشي لصفاقس، فكان ملازما لدروس سيدي أحمد النوري من فقه وحديث وتفسير وصلاة جماعة ووعظ جمعة وغير ذلك، وكان محبّبا للخلق، فاتّفق أن اجتمع بعض الطّلبة يوما وقالوا: سيدي علي الوحيشي ما رأينا عليه شيئا من أمور الولاية، فلقي بعضهم من غير علم بما وقع بينهم، فقال: تسأل عن علي الوحيشي وهو من أهل الجنّة، فقال: ومن أعلمك بذلك؟ قال:
لأنّ الخلق كلّهم يثنون علي بخير، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من أثنيتم عليه خيرا فقد وجبت، يعني الجنّة» (?).
وركب يوما على حمارته وسار معه خديمه، رجل يقال له: الرّخيص (?) فقال:
تحرّكت جوف الشّيخ وخرج منه ريح (?)، فقال: يا رخيص (719) ما بقيت تسمع خيرا من فوق ولا من تحت، قال: فما مضت إلاّ مدّة قليلة واشتدّت الفتنة وكثرت فيها (?) الأقوال المرعبة فما تسمع إلاّ الهتك والفتك والهرج والمرج.
وحضرته الوفاة بصفاقس سنة نيف وخمسين ومائة وألف (?)، واختلف النّاس في موضع دفنه، فبعضهم يقول: نحمله للقيروان فيدفن مع آبائه، وبعضهم يقول: ندفنه /