عليها، فلذا سمّي: أبا بغيلة، حتّى انبسط وصار في غاية الألفة والإرتياض، فانكبّ عليه المريدون كما هو شأن رجال الطريقة.

فقد كان الشّيخ سيدي محرز بن خلف في ابتداء أمره يسكن مرسى الرّوم لا يألفه إلاّ أصحابه، فلمّا سكن تونس إنبسط للفقراء وألفهم، وصار يلقى كلّ من يرد عليه من الزوّار في المواسم (?) بل يلقاهم قبل ورودهم عليه في كلّ وقت، وكثروا حتّى أنّ منهم من يصافحه ومنهم من لم يصل إليه، فيلمس أثوابه بيده (?) ويمسح بها على وجهه، وبلغ رتبة القطابة لأنّه سأله بعض تلامذته أن ينظر القطب فقال له الشّيخ: إمض ليلا قرب المسجد الأعظم بعد صلاة العشاء، وامكث حتّى يمرّ بك، ففعل التّلميذ ذلك فلمّا انقطعت الرّجل (?) إرتقب حتى طلع الفجر، فلم ير أحدا إلاّ رجلا يشبه أهل البادية، بيده رمح ومخلب، مشتمل بإحرام، وبرجله سبّاط (?)، ومتعمّم كأهل البادية، فخاف منه وهابه، فانصرف وصلّى الصّبح مع الشّيخ، فلمّا فرغوا من الوظيفة سأله الشّيخ: هل رأيت القطب؟ قال: ما رأيت إلاّ رجلا بصفة كذا وكذا، فقال له:

ذلك هو، ولكن إسمع ما أوصيك به: القطب يموت في اليوم الفلاني من شهر كذا، فما زال يعدّ السّنين والشّهور والأيّام إلى اليوم الّذي وقّت له (?) الشّيخ، فكان فيه وفاة الشّيخ، فتعيّن أنّه هو القطب، واجتمع / بالشّيخ سيدي أحمد بن عروس بصحن جامع الزيتونة من تونس، فسلّم كلّ على صاحبه، فأخرج الشّيخ إبن عروس ثديه الأيمن فرضعه حتّى روي، ثمّ ناوله الثّدي الثّاني فأباه وقال: إنه لأخي أبي (?) راوي، يقدم علينا - إن شاء الله - فحدّث الشّيخ إبن عروس بعض إخوانه فقال لهم: كانت نوبتي (?) البارحة بالمحلّ الفلاني، فباسطه وقال: من يشهد لك؟ فقال: هذا الشّيخ علي الكرّاي، فقال الشّيخ الكرّاي: لا علم لي بهذا، فقال إبن عروس: ألم تكن نوبتك أنت بجبل كذا؟ فقال له: صدقت قد كان ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015