وكان عليّ درع حسن وأنا راكب على فرس أدهم، فلقينا الشّيخ الصّالح الوليّ أبا (?) زكريّاء بن الأجباري، فنظر إلينا ثمّ كرّر إليّ النّظر دونهم، ثمّ قبض على ركابي وقال لي: ما اسمك يا فتى؟ فقلت له: يعقوب، فقال: إسأل الله يا فتى أن يفني شبابك في طاعة الله، فثار خاطري لذلك في الحين، وكأنّما رماني بسهم، فخرجت من المهدية وأنا على خلاف ما كنت عليه، ثمّ وصلت إلى القيروان، فتركت ركوب الخيل ومكاثرة أهلي، وانقطعت إلى عمارة مسجد كان هناك بقربنا / ثمّ قصدت إلى ميعاد الشّيخ الصّالح الزّاهد الفقيه أبي زكرياء بن عوانه - رحمه الله تعالى - ثمّ لم يزل ملازما لميعاده حتّى تعلّم كثيرا من العلم (?)، ثمّ لازم الخير والخدمة (?) في المسجد إلى أن وصل الشّيخ أبو عبد الله البسكري تلميذ أبي الفضل البسكري (?) القيروان، فصحبه مدّة وانتفع به، ثمّ ارتفعت أحواله، وأخذ في المجاهدة وسلوك سبيل الرّياضة، وصحب جماعة من كبار المشايخ فانتفع بصحبتهم.

وله كرامات كثيرة، فمنها أنّ الشّيخ أبا عبد الله القرشي (?) كان قد هجر السّماع وحضوره فقيل له: لم منعته وهجرته؟ قال: لما حدث فيه من المقاصد لغير الله، ولمّا قدم عليه الشّيخ أبو يوسف سأله الاذن فيه، وحضوره معه قال: هذا باب سددناه ومنعناه فقال: أنا قادم ولي عليكم كرامة القدوم، فأجابه إلى ذلك، فجعل مجلس سماع حضر فيه إثنا (?) عشر رجلا من الأكابر، وجمع من الطلبة والمحبّين، فلمّا أخذوا في السّماع تواجد الشّيخ أبو يوسف وارتفع من موضعه في الهواء (395) فقام الشّيخ أبو عبد الله القرشي على قدميه وكان زمنا مقعدا منذ أعوام تقدّمت، قال أبو عبد الله القرطبي:

فجعلت أمدّ يدي وأنا قائم على صدور قدمي لعلّي ألحق قدم الشّيخ أبي يوسف وهو في الهواء (?) فلم أستطع، فدار ذلك البيت جميعه ثمّ عاد إلى موضعه وأنا أنظر إلى بياض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015