له يوما أن يطلّق امرأته وكان بحضور العارف أبي العبّاس، فرأى مخطوطا في ثوب الشّيخ:
أمسك عليك زوجك.
قال إبن عربي: شيخنا أبو مدين (?) من الثمانية عشر نفسا الظّاهرين بأمر الله عن أمر الله، لا يرون سوى الله من الأكوان، وهم أهل علانية وجهر / مثبتون للأسباب وخرق العوائد عندهم عبادة، قل الله ثم ذرهم، قال: وكان يقول لأصحابه: أظهروا للنّاس ما عندكم من الموافقة يظهر (?) للنّاس بالمخالفة، وأظهروا مما أعطاكم الله من نعمه الظاهرة والباطنة، يعني (?) خرق العوائد والمعارف، فإنه تعالى يقول {وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (?) وهذه الطّائفة اختصت باسم الظّهور لكونهم ظهروا في عالم الشّهادة.
وقال في موضع آخر: شيخنا أبو مدين الغالب على قلبه وبصره مشاهدة الحق في كل شيء، فكل حال عنده أعمال فيعلن بالصدقة كما يذكر في الملأ، فان من ذكره في الملأ فقد ذكره في نفسه، فان ذكر النفس متقدم بلا شك، وما كل من ذكره في نفسه ذكره في الملأ فهذه حالة زائدة على الذكر النفسي لها مرتبة تفوق صاحب ذكر النفس، فان ذكر النفس لا يطلع عليه في الحالين فهو سر بكل وجه، فصدقة الاعلان تؤذن بالاقتدار الإلاهي، فمن يخفيها أو يسرّها فهو الظاهر في المظاهر الإمكانية، فهذه كانت طريقة شيخنا.
وكان يقول: قل الله ثمّ ذرهم أغير الله تدعون (?) قال: وكان يقول لأصحابه:
أعلنوا بالطاعة حتّى تكون كلمة الله هي العليا كما يعلن هؤلاء بالمعاصي ولا يستحيون من الله. وكان يقول في قوله تعالى {فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ} (?)، فإذا فرغت من الأكوان فانصب قلبك لمشاهدة الرّحمان، وإلى ربك فارغب في الدّوام،