يقولها له ترضيه ولا تسخط الله تعالى فوجدها ودعا له بها وهي: تولّى الله عنّا مكافأتك فيما ولّيت، وأراد بها الدّعاء عليه، ففرح وظنّ أنه دعا له ونجا بها منه.
وكان استنسخ (?) من الشّيخ أبي إسحاق كتابا فيه رقائق وحكايات، فقال لعبد الرحمان إبن الشّيخ أبي إسحاق: لعلنا نلاطف الشّيخ، أنا وأنت، لنسمع الكتاب عليه، قال: فجئنا إلى الشّيخ فقلنا له: أصلحك الله نقابل هذا الكتاب بين يديك، قال: إفعلا، فلما أخذنا في المقابلة قلت له: أصلحك الله على من قرأته وعمّن رويته؟ فأخذ الكتاب من يدي وقال لي: إنصرف، فقلت له: أصلحك الله، لو ترك العلماء الرواية لا نقطع العلم، وأنت تعلم ما جاء في الحديث فيمن كتم علما علمه أنه يلجم بلجام من نار (?)، فكان من ردّ الشّيخ وهو يبكي: أليس قد جاء في الحديث: «يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدوّ له ينفون عنه تحريف القائلين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين» فقلت: نعم، فقال لي شيخ جبنيانة: ليس بعدل حتّى تنقل شهادته عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم فانصرفت / عنه وأنا أبكي.
ولمّا قدم أبو حامد الخراساني لزيارة أبي إسحاق سلّم عليه وقال له: جئتك من خراسان زائرا، فقال له أبو إسحاق: إن صدقت فأنت أحمق، وإن قبلت أنا هذا منك فأنا أحمق منك، كيف تترك العراق ومن به من العلماء ثمّ حرم الله وحرم رسول الله والشّام ومصر، وتأتي إلى المغرب، إلى شيخ جبنيانة تقول له هذا؟ فبكى أبو حامد وقال له: لو لم يكن هذا لم آتك. ولمّا انصرف أبو حامد من المغرب قيل له: ما أعجبك ما رأيت بالمغرب؟ قال: رأيت أربعة لم أر (?) مثلهم قطّ، رأيت أبا الحسن علي بن محمّد بن مسرور الدّبّاغ (?)، فلم أر أكثر حياء منه (?)، ورأيت أبا إسحاق