وصحب أبو إسحاق غير هؤلاء فإنه قال: لقد أدركت هذا السّاحل وما منه قرية إلاّ بها رجل من أهل العلم أو من أهل القرآن أو رجل صالح يزار.
وعن عيسى بن ثابت قال: يقول أبو إسحاق: انصب شبكتك على هذا البحر، فلا بدّ أن يقع في يدك طائر فاره، يريد أن يقع في يدك رجل ينتفع به لكثرة من كان يرد الحصون من الصّالحين.
ولقد كان بقصر زياد المرابط من أصحاب سحنون أربعة عشر رجلا منهم ثابت بن سليمان وهو جليل في أصحاب سحنون.
قال يحيى بن عمر (?): إذا رأيت محمّد بن سحنون [يقول] (?): حدّثني الثّقة عن سحنون، فهو ثابت بن سليمان.
وسكن يحيى بن زكرياء الأموي صاحب أبي مصعب (?) بقصر زياد، وكانوا يسمّون قصر زياد دار مالك لكثرة من كان به من أهل العلم ذلك الزمان، وكان قد سكنه أبو الحارث ليث بن محمّد، وحمدون بن مجاهد، ومحمّد بن الأنباري (?) نشر مصحفا يقرأ فيه فمات من خشية الله، وسكنه قبلهم عبد الرّحيم الزاهد، وعبد الرّحيم بن علي، وصام بقصر زياد سحنون خمسة عشر رمضانا (?)، وكان محمّد بن سحنون لا يكاد ينقطع عنه.
قال أحمد / بن حبيب (?) - وكان من أهل العلم - قال لي أبو إسحاق: أتدرس في هذا الوقت العلم؟ قلت: نعم! قال: فتجتمعون للمذاكرة؟ قال: قلت نعم! قال: إنما العلم بالمذاكرة، لقد كنّا نحن نجتمع، ولقد ألقينا المدوّنة في شهر، ندرس النّهار ونلقي بالليل، فما علمت أنّا نمنا في ذلك الشّهر، ثمّ قال لي: أي كتاب في أيديكم تدرسون؟ قلت: العتق الأوّل (?)، قال: فألقى علي من أوله، وسرد المسائل حتى كأنّ الكتاب