الأرض، وليس في بلادنا عمق في الأرض يتحمّل حفر الفسقية بمجاري الأودية، فقال: إذهبوا وتفحّصوا (?) وأخبروني، قالوا: نعم، فلمّا قدموا حفروا في أماكن لا تليق، وعرفوه بعدم الإمكان.

فلمّا أفضت السّلطنة للمنعّم المرحوم برحمة الحيّ القيّوم، صاحب الخيرات والإحسان والمبرّات، ذي النّيّة الصّالحة والتّجارة الرّابحة، من ذخّر (?) الله له كنزا من دعاء الخير / ونزول الرّحمة لانفاذ له حتّى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين لتجدّد الدّعاء الصّالح عليه من الصّغير والكبير، والغني والفقير، والذّكر والأنثى، والحرّ والعبد، ليلا ونهارا، صياما وإفطارا، إحضارا وإسفارا، في الشّدّة والرّخاء، ألا وهو السّلطان الأفخم، والمقام المعظم والأعظم، سيدي علي باي إبن سيدي حسين باي - خلّد الله الملك في أخلافه - وأحلّه دار الرضى والرضوان مع جملة أسلافه.

فلما أقرّ الله عينه بالملك، ولم يبق معه من يخالفه وتمّت عليه نعمة الله، وأراد شكر ما تولاّه، تتبّع بنظره السعيد من هو أحوج لفعل الخير، فكشف الله عن بصيرته حتى رأى حاجة أهل صفاقس لحفظ مياه أوديتها، فأمر قائد البلد إذ ذاك، وهو المرحوم المنعّم صاحب السّياسة السّلطانية، والآداب الملوكية بكّار الجلولي (?) بالنّظر في شأن هذه القضيّة وكان - رحمه الله - حريصا على حبّ الخير سيما في شيء يعود نفعه لأهل (?) بلده، وأجره لسلطانه، وكان سبّاقا للغايات، محبّا لإظهار المزيّات، لا سيما فيما يبقى ثوابه لفاعله بعد الممات من إجراء الأنهار، وحفر الآبار، وحسبما ذكره النبيء المختار - عليه صلاة الله وسلامه أناء الليل والنهار - والدّال على الخير كفاعله، فامتثل الأمر، وبادر إلى فعل الخير، وأحضر أكابر المهندسين ممّن له خبرة بحفر الأنهار واستنباط المياه كأمين البناء الحاج سعيد القطي، وأسطى طاهر المنيف - المتقدّمي الذّكر - / وغيرهما ممّن له نظر في صناعة المياه، وأمرهم بالخروج للنّظر في الأرض لطلب مكان يصلح لوضع الفسقية، فوقع إختيارهم على موضع معيّن بعده من سور المدينة بقدر ميل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015