ثمّ إنّ المسجد الأعظم لمّا تطاولت الأزمنة، واستولى على البلاد الخراب من الميورقي والنّصارى وإبن كيداد (?) الخارجي، والطّاعون، والأعراب، وغير ذلك - حسبما مرّ مفصّلا - إستولى الخراب على معظم المسجد، فاختصروه بتعمير الجانب الشّرقي منه وألغوا الباقي.
فلمّا منّ الله على الخلق بدخول العساكر العثمانية أذهب عن البلاد والعباد الفساد بقطع أيدي الجور والعدوان، والبغي والشّقاق والعناد، ولا سيّما دولة سيدي حسين باي - رحمه الله - فعمّت البلاد، واطمأنّت العباد، فظهر فضل في غلات أوقاف المسجد (?) مع ما زاده أهل الخير من أموال وأوقاف، فاسترجع في كلّ زمان ما أمكن إرجاعه / من داثر المسجد، بل قد وجد في بعضه إحداث حوانيت ودور فاشتريت من أيدي أربابها إذ بأيديهم حجج إشتراء الأرض من أهل الجور من المستولين على البلاد، وكلّما استرجع جانب أدخل في المسجد ببناء على قدر الطّاقة في ذلك الوقت.
وكان الخطيب إذ ذاك سيدي عبد العزيز الفراتي الأكبر (?) الآتي ذكره - إن شاء الله - فقام في هذا الأمر غاية القيام مع مساعدة أهل الفضل من رجال البلد.
ولمّا وصلوا إلى آخر ما دثر وأرادوا إدخاله وجدوا أساس المسجد الأصلي فاستبشر النّاس بذلك، ثمّ إنهم لمّا فرغوا من ذلك جعلوا على بعضه سقفا من خشب وأبقوا بعضه بلا سقف على صورة الصحن، وبقيت أسطر عمد المسترجع غير مناسبة لأسطر عمد الذي كانوا أبقوه لأنّ الأصلي كان قبوا بالجير والحجر (?) فاسطواناته على قالة واحدة وأسطر إسطوانات المسترجع لمّا كان سقفه بالأخشاب، والأخشاب أقلّ من قالة القبو، بل الخشب تارة يوجد طويلا وتارة قصيرا، وبقي المسجد على غير نظام مناسب، فرغب أهل الخير في جعله على قالة واحدة بنقض بناء المسترجع، ولأنّ سقف الخشب كثر فيه القاطر وخيف عليه السّقوط، فاجتمع أهل الفضل من البلد ورأوا الصّلاح في نقض