كتب، وجعل لها مرتّبات من الخبز والدّراهم / إعانة لطالب العلم، وزاد دورا في زاوية الشّيخ سيدي إبراهيم الجمّني بجربة، فوق الدّور الأسفل الّذي بناه مراد باي - رحمه الله تعالى -.

ومن غريب ما وقع للباشا مع سيدي عبد الله السّوسي - رحمة الله عليهما - أنّ الشّيخ كان زاهدا في الدّنيا متقلّلا منها مقبلا على العلم، فكان الباشا يحبّه ويجلّه ويفضّله لذلك، فلمّا شيّخه على المدرسة أسكنه في دار بقربها، وأجرى عليه من حبس المدرسة ما يقوم به وبعياله، فاتّفق أنّ الشّيخ - رحمه الله - أصابه تشويش منعه من الخروج للإقراء، فسأل الباشا مقدّم المدرسة عن الشّيخ، فقال: به تشويش منعه من الخروج وطالت مدّته، فقال له: هل وفيته (?) مرتّبه ليستعين به في مرضه، فقال: لا، قال:

إذهب وفّ له مرتّبه، فصحب المرتّب ودخل على الشّيخ داره وأحضر له المرتّب، فامتنع الشّيخ من قبوله وقال: هذا المرتّب إجارة عن عمل، وقد طال مرضي ولم أعمل، فكيف آخذ من غير عمل؟ وهذا حبس على القراءة ولم تحصل منّي، فرجع إلى الباشا وأعلمه بما وقع، فقال له: إرجع وقل له: هذا إعانة من عندي لا إجارة، فقبله ودعا بخير، رحمة الله على هذه النفوس العفيفة، طيّبوا سرايرهم مع مولاهم فسخّرهم للخير وسخّر لهم من أعانهم عليه.

وبنى مصانع للماء بتونس، وبنى سور ببنزرت، وافتكّ طبرقة من أيدي النصارى (?) واستحفظها جماعة من العسكر، وله خيرات كثيرة غير ذلك وكان - رحمه الله - / عفيف البطن من جميع المحرّمات، تاركا للمشتبهات، فمن ثمّ إجتنب الدّخان ولو نشوقا، ولا يقدر أحد أن يظهره حيثما حلّ، وكان عفيف الفرج، دخل يوما الحمّام مستصحبا بعض غلمانه فاستدعاه لتدليك رجليه، فظنّ الغلام سوءا وتمادى إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015