لابن أخيه ولم يبق مع رمضان باي إلاّ ما قلّ من النّاس، ففرّ لسوسة لقصد ركوب البحر ومعه مزهود، فتبعه القوم وصاحوا بمزهود فتمسّك ببرنس سيّده رمضان باي، فخلع رمضان البرنس وتخلّى عنه في يده وهمز فرسه وخلّفه في أيديهم، فحملوه لمراد باي على أشرّ الحالات في ثمان من رمضان سنة عشر ومائة وألف (?).
ثمّ نزل مراد باي للقيروان وبايعوه بها وبعث لسوسة أمرا بقتل عمّه فوجدوه بزاوية سيدي أبي راوي - نفعنا الله به - فخنقوه بالقلعة وقطعوا رأسه ودفنوه بها، فأمر بنبشه وإخراج رأسه / والبعث به لتونس ليطاف به في (?) الأسواق، فكانت مدّة رمضان باي ثلاثين شهرا.
وبايع (?) النّاس مراد باي، فعزل محمّد خوجة الدّاي، وولّي محمّد (?) آغة الصبايحية دايا فبايعه النّاس، ولمّا دخل مراد تونس بايعه النّاس بها بيعة (?) عامّة يوم الإثنين وسنّه ثمان عشرة سنة.
وكان مراد في بداية أمره يظهر الشّكوى للنّاس من عينينه ويبدي لوائح العدل والإنصاف، فصدّقه النّاس ولاموا عمّه وهم لا يعلمون ما انطوى عليه باطنه، فلمّا تمكّن تصرّف بعنف وقساوة قلب وعسف، فسفك الدّماء بغير حقّ، وكان يوقف الرجل ويقطّعه قطعا بيده حتّى يفرغ من لحمه فيدخل يده في جوفه وأمعائه، ويتصرّف فيها تصرّف الجزّار في الشّاة، وانهمك في خموره وجاهر بمعاصيه، ولم يفارق السّلاح ليلا ولا نهارا، وكلّ من معه كذلك، فصار ذكره مفزعا للاسماع مسهلا للأمعاء، وكل يوم تزداد القلوب منه رعبا بظهور أمور لم تعهد.