هذا وطاطار لم يزل في غيّه فأباح للنّصارى هدم مسجد كان أنشأه علي رايس داي قرب القصبة، فكان النّصارى يتقرّبون بهدمه.
فلمّا بلغ البشير لمحمّد باي أسرج وألوى عنانه نحو البلاد، فلمّا قرب من قفصة بلغ خبره إبن شكر وكان محاصرا / للقيروان، فاستنفر جنوده (?) لتلقي محمّد باي فالتقى الجمعان بمرق اللّيل قرب وسلات، فانهزم إبن شكر في ستة من رمضان سنة ست ومائة وألف (?)، فاستولى محمّد باي على جميع مخلفات (?) إبن شكر، ثمّ نادى بالأمان على من سلم من العسكر، ثمّ تقدّم للقيروان، وأرسل خزناداره رجبا إلى تونس ومعه جريدة خيل فدخلها ليلا، فلمّا سمع به النّاس قبلوه بالتّرحاب ورأوا كأنّه (?) قد نزل من السّماء لما لاقوا من إبن شكر وطاطار وبقيّة رجاله.
وأعلن النّاس بالطّاعة لمحمّد باي ونبذوا طاطار فوقعت مقاتلة، ثمّ إنّ قوم طاطار أدخلوا من وجدوه من العسكر معهم للقصبة (?) كرها وغلّقوا أبوابها، ودخل محمّد باي من الغد لتونس، ورتّب عسكره في كلّ ناحية محاصرا للقصبة، ومترسوا ببراميل التّراب، وأقاموا بها ليلا ونهارا، وولي يعقوب (?) دايا فبايعه العسكر في إثني عشر من رمضان (?) بدار الباشا، فلمّا لم تغن المتاريس في حصار القصبة حاربها بالألغام فلم يتّفق الفتح.
ففي القعدة أرسل محمّد باي لحضرة الجزائر العلماء والصّلحاء كسيدي علي عزّوز - رحمه الله - وأضرابه - نفعنا الله بهم - صحبة أعيان العسكر وخوجة ديوان الوقت محمّد خوجة، فركبوا البحر ووصلوا الجزائر فراودوا شعبان خوجة على الصّلح فامتنع وعمل على إرسال نجدة لطاطار، وردّ الشفعاء غير مشفعين، فأقلعوا في البحر من ليلتهم