حينئذ عند السّلطان محمد، فبشّر الوزير السّلطان بما بشّر به الشّيخ من خبر الفتح، فلما صار ذلك الوقت الموعود ولم تفتح القلعة حصل للوزير خوف شديد من جهة السّلطان فذهب إلى الشّيخ فمنعوه من الدّخول عليه لأنه أوصى جماعته أن لا يدخلوا عليه أحدا، فرفع الوزير أطناب الخيمة فنظر فإذا الشّيخ ساجد على التّراب ورأسه مكشوف وهو يتضرع ويبكي، فما رفع الوزير رأسه إلاّ وقد رفع (?) الشّيخ رأسه وقام على رجليه وكبّر وقال: الحمد لله الّذي منحنا فتح هذه المدينة، قال الوزير: / فنظرت إلى جانب المدينة فإذا العسكر قد دخل بأجمعه ففتح الله ببركة دعائه في ذلك الوقت، وكانت دعوته تخرق السّبع الطّباق، فلمّا دخل السّلطان محمد خان المدينة نظر إلى جانبه فإذا وزيره إبن ولي الدّين واقف عنده فقال: هذا ما أخبر به الشيخ الأجل، وقال: ما فرحت بهذا الفتح، وإنما فرحي بوجود مثل هذا الرجل في زماني (?)، وقد كان طبيب الأشباح والأرواح، فكانت الأعشاب إذا مرّ بها تناديه وتقول: أنا أنفع للمرض (?) الفلاني، وكان في أيام المحاصرة لمّا حصل الإعياء (?) والفتور من الجند أمر أن ينادى في الناس أن الغنائم كلّها والأموال والدّواب لهم، ويكفيني فتح المدينة، فنشط الناس وذهب كللهم وإعياؤهم، وهذا الفتح من أعظم فتوح الإسلام الجليلة، وكم رامه من الخلفاء والملوك وصرفوا هممهم وبذلوا أموالهم، وأفنوا أعمارهم وعساكرهم فما نالوه، وحبى الله به هذا السّلطان، وضمّن بعضهم تاريخ الفتح في قوله:
[الرمل]
رام أمر الفتح قوم أوّلون ... حازه بالنّصر قوم آخرون (?)
فوقع لفظ آخرون تاريخ فتح المدينة بعدد حساب الحروف، وقيل في تاريخها أيضا «بلدة طيبة»، ولمّا دخل السّلطان المدينة سارع بالتّوجّه إلى كنيستها وجعلها مسجدا جامعا للمسلمين، ثم إلتمس من الشيخ شمس الدّين / أن يريه (?) موضع قبر أبي أيوب الأنصاري (?) - رضي الله تعالى عنه - فقال الشيخ إني شاهدت في موضع نورا لعلّ